الوجه الثاني: أن قوله (وقد يكون عن عليٍّ نفسه) حكم بالحدس لا يقوم على دليل، فلا تقوم به حجة، إذ أن رد الأحاديت -وبخاصة الصحيحة منها- لا يكون بفرض الاحتمالات، واتباع الرأي، بل لا بد أن يبني على دليل قائم، وقاعدة مسلمة.
ثم إن كلمات الحديث ولفظه وعبارته تدل على أنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ أن الجملة التي استنكرها ابن كثير - رحمه الله تعالى - ورأى أنها مقحمة، مروية عند جميع الذين رووا الحديث -وهو واحد منهم- مضافة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قولاً منه مؤكداً بالقسم عليه منه - صلى الله عليه وسلم -، بعدم الهم بشيء من أفعال الجاهلية، وقد أضاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إكرام الله - عز وجل - له بالنبوة، في روايات وبالرسالة كما في رواية البزار إلى ضمير المتكلم في قوله - صلى الله عليه وسلم - " حتى أكرمني الله برسالته " وما كان لعلي - رضي الله عنه - أن يضيف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله، لو لم يكن ينقل اللفظ النبوي الشريف، ويؤده كما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد صرح الراوي في رواية الحاكم وأبي نعيم وابن سيد الناس عند ذكره هذه العبارة بقوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فوالله ما هممت بعدها أبداً. . . الخ " وتصريح الراوي وإعادته لجملة (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدفع أيضاً ما قاله ابن كثير، ويؤكد أنَّهَا من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليست إقحاماً، ولا هي تحدثاً من علي - رضي الله عنه - كما دخل على ابن كثير