وهؤلاء كلهم أشاعرة، وقد أثبتوا جواز الاجتهاد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووقوعه منه ودللوا على ذلك في كتبهم، فالظاهر أن نسبة المنع للأشاعرة محمولة على بعضهم.
كما أن في نسبة القول بمنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الاجتهاد فيما يتعلق بأمر الشرع إلى أبي حفص العكبري نوعاً من التجوز إذ أنه قد اختار هو وشيخه ابن بطة -فيما نقله عنهما ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة- أنه " كان يجوز لنبينا صلوات الله وسلامه عليه الاجتهاد فيما يتعلق بأمر الشرع ".
قال في المسودة -لآل تيمية-: " قال شيخنا: قال ابن بطة: فيما كتب به إلى ابن شاقلا في جوابات مسائل، وقال: والدليل على أن سنته وأوامره - صلى الله عليه وسلم - قد كان فيها بغير وحي وأنها كانت بآرائه واختياره أنه عوتب على بعضها ولو أٌُمِر بها لما عوتب عليها، فمن ذلك: حكمه فِي أسارى بدر وأخذه الفدية، وإذنه في غزوة تبوك للمتخلفين بالعذر حتى تخلف من لا عذر له، ومنه قوله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) فلو كان وحياً لم يشاورهم فيه ".