للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصير الأمير، فمضى نحوه بإفريقية، وكلّمه في غزو الأندلس، ووصف له حسنها وفضلها، وما جمعت من أسباب المنافع، وأنواع المرافق، وطيب المزارع، وكثرة الثمار، وغزارة المياه وعذوبتها، وهَوَّن عليه مع ذلك حال رجالها، ووصفهم بضعف البأس وقِلّة الغناء، فشوّق موسى إلى ما هناك، وأخذ بالحزم إلى ما دعاه إليه يليان (١).

ولكن بعض المؤرخين المحدثين، وعلى رأسهم قسم من المستشرقين، يرون أن قصة ابنة يليان في بلاط طليطلة محض أسطورة، ليس لها أساس من الواقع، وقد شايعهم من المؤرخين العرب والمسلمين في هذا الرأي (٢). ولعل هناك ما يسوِّغ التشكيك في هذه القصة من مؤرخي الأجانب والمستشرقين، والهدف من هذا التشكيك واضح ومعلوم ومفهوم، ولكن متابعة المؤلفين العرب المسلمين للأجانب في هذا التشكيك في هدفه غير واضح ولا معلوم. ومن المعروف أن مؤرخي الأجانب وبخاصة المستشرقين منهم، شككوا في وجود شخصية يليان أصلاً، وذهبوا إلى أنه شخصية أسطورية خلقها خيال العرب -كما ذكرنا ذلك قبل قليل- فتابعهم في هذا التشكيك قسم من مؤرخي العرب والمسلمين تقليداً، وعلى غير هدى وبصيرة، حتى إذا حقق قسم من المؤرخين الغربيين شخصية يليان، وأثبتوا وجودها فعلاً بشكل قاطع جلي، عاد المقلِّدون من مؤرخي العرب والمسلمين إلى متابعة الغربيين من جديد، فكانوا في كلا الحالتين مقلدين، ينقلون آراء الأجانب بلا تدقيق ولا تمحيص.

وقصة ابنة يليان، هي الأخرى، تنتظر مَن يحقِّق وقوعها من المؤرخين


(١) نفح الطيب (١؛ ٢٥١ - ٢٥٣).
(٢) قارن: Saavedra. pp. ٥R-٥٩، وفجر الأندلس (٥٩ - ٦٠) ومحمود مكي - ملحمة آخر ملوك القوط - المجلة (٣٠ - ٣٥) - العدد (٧٤) - ٩٩١٣ ومحمد عبد الله عنان - دولة الإسلام في الأندلس (١؛ ٣٥ - ٣٧) والفتح والاستقرار العربي والإسلامي في شمال إفريقية والأندلس (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>