للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى فتحها، لأنها سبق أن فتحها بِسْر بن أبي أرْطاة (١).

لقد افتتح موسى بلاد المغرب، وغنم منها أموالاً لا تُعدّ ولا تُوصف، وله بها مقامات مشهورة هائلة (٢)، وأسلم أهل المغرب على يديه، وبثّ فيهم الدين والقرآن (٣)، فكان يأمر العرب أن يعلّموا البربر القرآن وأن يفقهوهم في الدين (٤)، فلم يبق في إفريقية مَنْ ينازعه (٥)، غير منطقة سَبْتَة وعلى رأسها يُلْيَان (جوليان).

لقد لمع اسم طارق بن زياد، قائداً مرؤوساً لموسى بن نُصَيْر، في مسيرة الجهاد الطويلة، التي بدأت من القيروان، واستمرت غرباً حتى تمّ لها فتح طنجة، وكان طارق على مقدّمة موسى في هذا الفتح المبين، وتولية طارق قيادة المقدّمة، في مسير الاقتراب، وفي المناوشات التي تكلّلت لأوّل مرة بفتح طنجة، دليل على ثقة موسى الكبيرة بطارق، ودليل على كفاية طارق القياديّة.

وبعد أن عاد موسى إلى القيروان التي اتخذها مقرّاً له، خَلّف طارقاً على طنجة، والياً على المدينة ومنطقتها الشاسعة المهمّة، وبخاصة في موقعها الحيويّ السَّوْقِيّ، الذي هو بتماس شديد مع يليان في سبتة والذي أثبت جدارته في الدفاع عن حوزة سبتة وما حولها، وقاوم المسلمين مقاومة عنيفة، فاستطاع أن يصدّهم عن فتح بلاده إلى حين. كما أن طارقاً في منطقة طنجة السَّوْقِيّة، هو بتماس شديد مع دولة الأندلس وحماتها الذين كانوا وراء نجاح يليان في دفاعه العنيف ونجاحه في دفاعه الذي تميّز بالحركة التعبويّة، وكل


(١) فتوح مصر والمغرب (٢٧٦) ومعجم البلدان (٧/ ٢٨٦) وانظر ترجمة بسر بن أبي أرطاة في: قادة فتح المغرب العربي (٢/ ١٣ - ٣٥).
(٢) البداية والنهاية (٩/ ١٧١).
(٣) البداية والنهاية (٩/ ١٧٢).
(٤) البيان المغرب (١/ ٣٦).
(٥) ابن الأثير (٤/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>