للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاماً على إقليم موريطانيا الطنجية، وهي تابعة لموريطانيا القيصرية، إحدى الولايات السبع الخاضعة للدولة البيزنطيّة، فلما عجزت الدولة البيزنطيّة عن حمايتها، ولّت سبتة وجهها شطر إسبانيا القوطية (١). وقد بدأ يليان ولايته لهذا الإقليم في سنّ مبكِّرة، وأنّه أقام مدّة طويلة فى أرض المغرب، حتى توثقت علاقته بمن جاوره من قبائل البربر، واستطاع أن يكتسب صداقة البربر له، حتى أصبح يعدّ نفسه واحداً منهم، لذلك اختلط الأمر على الناس، فظنّوه بربرياًّ، ومن هنا كان مرجع الرواية التي تنسبه إلى بربر غمارة. أما علاقته بالدولة القوطية في إسبانيا، فمرجعه أنّه كان يتوجّه بطلب المعونة إلى هذه الدولة، لبعد مدينته عن بيزنطة، واضطراب أمور بيزنطة في تلك الأيام (٢).

وكان يليان حليفاً لملك إسبانيا غيطشة ( Witiza) الذي تولّى عرش البلاد في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من سنة (٧٠٠ م) بعد وفاة أبيه إخيكا ( Egica) وقد خُلع غيطشة عن العرش على أثر ثورة قام بها نفرٌ من أنصار لذريق (٣) ( Rodrigo) وأثار اغتصاب لذريق للعرش الإسبانيّ نقمة أنصار غيطشة وأبنائه، فهبُّو على هذا المغتصب الذي انتزع الملك لنفسه من البيت المالك الشّرعيّ، وبدأت حركة استقلاليّة في أطراف البلاد، ظلّت مستمرة حتى دخول المسلمين أرض الأندلس.

وفرّ ابن غيطشة المدعو وقلة ( Achila) الذي تولّى العرش بعد أبيه إلى إفريقية، وأقام عند يليان حاكم سبتة الذي كان لا يزال على ولائه للملك غيطشة وأولاده، بينما استبقى لذريق ولدي غيطشة الآخرين وهما: أرطباس


(١) ذكر الحميري أن يُليان هذا كان عامل لذريق على سبتة- انظر الحميري- صفة جزيرة الأندلس- نشره ليفي بروفنسال- القاهرة- ١٩٣٧ م.
(٢) انظر: تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس (٤٧ - ٤٨) وفجر الأندلس (٥٣ - ٥٤). (٣) ورد اسمه في تاريخ الطبري (٥/ ٢٤٥): ادرينوق، وفي فتوح مصر والمغرب (٢٧٩) لذريق. وفي ابن الأثير (٤/ ٢١٣) لذريق وفي ابن خلدون (٤/ ١١٧) لذريق وفي اليعقوبي (٣/ ٢٩) أدريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>