للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طنجة سنة تسع وثمانين الهجريّة (٧٠٩ م)، وكان ملك إسبانيا في ذلك الحين غيطشة، وكان الودّ معقوداً بينه وبين يليان (١). فلما أراد المسلمون فتح سبتة، دافع عنها يليان دفاعاً شديداً واستطاع صدّ المسلمين عن فتحها، كما ذكرنا ذلك.

وكان موسى يتوق إلى افتتاح سبتة، وتطهير إفريقية من البقيّة الباقية من الأعداء. وبينما كان يرقب الفرص لتحقيق هذه الأمنية، جاءته رسالة من يليان، يعرض فيها تسليم معقله، ويدعوه إلى فتح إسبانيا. وتختلف الروايات في أمر هذا الاتصال، فيقال إنّ موسى ويليان اتّصلا بالمراسلة، وقيل إنّهما اتّصلا بالمقابلة الشخصية، وأنّ يليان استدعى موسى إلى سبتة، وهناك وقعت المفاوضة بينهما. وقيل أخيراً إنهما اجتمعا في سفينة في البحر (٢). وتقول روايات أخرى: بأنّ يليان سار إلى طارق بن زياد والي طنجة، وأخبره بأنّه مستعد للتعاون مع جيشه للحرب في إسبانيا أرض القوط (٣). ولا تناقض بين تلك الروايات، كما يبدو ذلك لأول وهلة، فالذي حدث هو أن يليان فاوض موسى بن نصير أولاً لأنه القائد العام في إفريقية. فلما عاد إلى القيروان أكمل يليان مفاوضاته مع طارق بن زياد لأنه قائد المنطقة القريب منه والمسئول عني المنطقة والمخوّل من القائد العام موسى بن نصير لإكمال المفاوضات. وقد كان طارق رجلاً سياسياً بحق بعيد النظر، فصادق يليان ليستعين به على إخضاع مَن تحت سلطانه من البربر، وهم كثيرون (٤).

ومن الواضح أنّ السّلام الذي رفرفت راياته بين المسلمين ويليان سببه


(١) فجر الأندلس (٥٤).
(٢) راجع ابن الأثير (٤/ ٢١٣) والبيان المغرب (٢/ ٦) وانظر: أخبار مجموعة (٥) وفتح الأندلس (٣ - ٤)، والحميري (٧ - ٨)، ونفح الطيب (١/ ٢٥١ - ٢٥٣).
(٣) فتوح مصر والمغرب (٢٠٥) وتاريخ افتتاح الأندلس (٧ - ٨) والبيان المغرب (٢/ ٦ - ٧) وابن خلدون (٤/ ٢٠٣) ونفح الطيب (١/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٤) فجر الأندلس (٥٤ - ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>