للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن يشايعه يحقدون على لذريق ولا يتأخرون عن التشبث بكل وسيلة ممكنة للقضاء عليه، وأنهم من أجل التنفيس عن حقدهم عمليّاً، يضعون كل طاقاتهم المادية والمعنوية للتعاون مع المسلمين في ميدان القتال ومعاونتهم. وكان التأكد من تلك النوايا، ضرورياً لاستكمال الإعداد للفتح، وقد تأكد لموسى وطارق، أنّ يليان ومَن يشايعه صادقون في معاونتهم وتعاونهم مع المسلمين الفاتحين، وأن عرضهم التعاون والمعاونة ليس خدعة، بل حقيقة لا غبار عليها.

وقد وصفت المصادر العربية هذه العملية، فذكرت أنّ موسى بن نُصير كتب إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك بالذي دعاه إليه يُليان من أمر الأندلس، ويستأذنه في اقتحامها، فكتب إليه الوليد: أن خضها بالسرايا، حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرِّر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال. وراجعه، أنه ليس ببحر زخّار، إثما هو خليج منه يبين للناظر ما خلفه. فكتب إليه: وإن كان، فلابد من اختباره بالسرايا قبل اقتحامه. فبعث موسى عند ذاك رجلاً عن مواليه اسمه طريف، يُكنى أبا زُرعة، في أربعمائة رجل معه مائة فرس، سار بهم في أربعة مراكب، فنزل في جزيرة تقابل جزيرة الأندلس المعروفة بالخضراء، التي هي اليوم معبر سفائنهم ودار صناعتهم، ويقال لها اليوم: جزيرة طريف، لنزوله بها (١). وهذا هو مثال لحرص المسئولين يومئذ، قادةً وخلفاء، على أرواح المسلمين، وقد أدّى طريف ومَن معه واجبهم الاستطلاعي المزدوج على أتم ما يرام.

...


(١) نفح الطيب (١/ ٢٥٣) والبيان المغرب (٢/ ٦) ووفيات الأعيان لابن خلكان (٥/ ٣٢٠) وانظر التاريخ الأندلسي (٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>