للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستطلاعيّة القتالية، بسلسلة من الغارات السريعة على الساحل الجنوبي الأندلسي بإرشاد يليان، وخفّت قوّة من أنصار يليان وأبناء غيطشة لعون المسلمين، كما قامت تلك القوّة بحراسة موقع إنزال المسلمين في أرض الأندلس، للاستفادة منه في مرحلة العودة من غارتهم إلى قاعدتهم الرئيسية على البر الأفريقي في منطقة طنجة. وكانت نتيجة الغارات الاستطلاعية التي قادها طريف، أنّ المسلمين غنموا مغانم كثيرة وسبياً عديداً، وقوبلوا بالإكرام والترحيب، وشهدوا كثيراً من دلائل خصب الجزيرة وغناها، وعادوا في أمنٍ وسلام، وقصّ قائدهم على موسى نتائج رحلته، فاستبشر بالفتح، وجدّ في أهبة الفتح، كما تشجّع موسى وأخذ يستعدّ لإرسال حملة عظيمة تقوم بالفتح المستدام (١).

لقد كانت مهمة سرية طريف، مهمة استطلاعية، هدفها الحصول على المعلومات عن طبيعة الأرض، والسكان وأساليب قتالهم ودرجة ضراوتهم، وتفاصيل قيادتهم، ومبلغ الثقة المتبادلة بين القيادة والسكان ومبلغ حرص القيادة والسكّان على الدفاع عن أرضهم، وكان لقيام طريف بعدة غارات في المنطقة دون أن يلاقي أيّة مقاومة (٢) نتيجة مهمّة واحدة، هي عدم حرص القيادة والسكان على الدفاع عن أرضهم، وهي نتيجة على درجة عالية من الأهمية بالنسبة لخطط الفتح وبالنسبة للمسلمين الفاتحين.

ولكن مهمّة سرية طريف الاستطلاعية، لم تقتصر على هذه الناحية فحسب، بل تتعدّاها إلى استطلاع حقيقة نوايا يليان ومن يشايعه تجاه السُّلطة القائمة في الأندلس والمتمثلة بالملك لذريق، وحقيقة نواياه ومَنْ يشايعه تجاه المسلمين الفاتحين، وقد أثبتت مهمة سرية طريف الإستطلاعية، أنّ يليان


(١) Saavedra. op. pp. ٦٤.
(٢) أخبار مجموعة (٦) وفتح الأندلس (٥) وابن الكردبوس (٤٥) وذكر بلاد الأندلس (٨٤) وابن الأثير (٤/ ٥٦١) والبيان المغرب (٢/ ٥) والنويري (٢٢/ ٢٦) ونفح الطيب (١/ ١٦٠) و (١/ ٢٥٣ - ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>