للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البحت (١).

ويرتاب في نسبة هذه الخطبة لطارق الأستاذ عبد الله عنان، فيقول: "على أنه يسوغ لنا أن نرتاب في نسبة هذه الخطبة إلى طارق، فإن معظم المؤرخين المسلمين، ولا سيما المتقدمين منهم، لا يُشير إليها، ولم يذكرها ابن عبد الحكم ولا البلاذري، وهم من أقدم رواة الفتوحات الإسلامية؛ ولم تُشر إليها المصادر الأندلسية الأولى، ولم يُشر إليها ابن خلدون، ونقلها المقري عن مؤرِّخ لم يذكر اسمه، وهي على العموم أكثر ظهوراً في كتب المؤرخين والأدباء المتأخرين. وليس بعيداً أن يكون طارق قد خطب جنده قبل الموقعة، فنحن نعرف أن كثيراً من قادة الغزوات الإسلامية الأولى كانوا يخطبون جندهم في الميدان، ولكن في لغة هذه الخطبة وروعة أسلوبها وعبارتها، ما يحمل على الشك في نسبتها إلى طارق، وهو بربري لم يكن عريقاً في الإسلام والعروبة. والظاهر أنها من إنشاء بعض المتأخرين، صاغها على لسان طارق، مع مراعاة ظروف المكان والزمان" (٢).

كما يرتاب في نسبة هذه الخطبة إلى طارق الدكتور أحمد هيكل، ويبني شكّه على: أن طارقاً بربري حديث عهد بالإسلام والعربية، لأنه لم يرتبط بموسى بن نُصير إلاّ عندما ولى هذا الأخير قيادة المغرب سنة تسع وثمانين الهجرية، وبين هذا التاريخ وتاريخ الفتح في سنة اثنتين وتسعين الهجرية مدّة وجيزة، يُستبعد معها أن يجيد طارق العربية، بحيث تسمح له بإلقاء الخطب ونظم الشعر.

كما أن المصادر الأولى، عربية وأندلسية، قد سكتت عن هذه الخطبة، ولم تُشر إليها، ولا تنص عليها سوى المصادر المتأخرة كثيراً عن الفتح، مثل نفح الطيب.


(١) دكتور عبد السلام الهراس - دعوة الحق - العدد الخامس - السنة الحادية عشرة ١٣٨٨ هـ - ص: ١٢٦، وانظر: النبوغ المغربي (١/ ٢٢ - ٢٣).
(٢) دولة الإسلام في الأندلس (٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>