للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأوفى من حظي. وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان، من بنات اليونان، الرافلات في الدّر والمرجان، والحُلَل المنسوجة بالعِقْيان، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من المؤمنين عُرباناً، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهاراً وأختاناً، ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان، ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مَغْنَمها خالصة لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم. والله تعالى وليّ إنجادكم على ما يكون لكم ذكراً لكم في الدارين، واعلموا أني أوّل مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأني عند مُلْتَقى الجمعين حامل على طاغية القوم لذريق فقاتله إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فإن هلكتُ بعده فقد كفيتكم أمره، ولم يعْوزكم بطلٌ عاقل تسندون أموركم إليه، وإن هلكتُ قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهم من فتح هذه الجزيرة بقتله، فإنهم بعده يُخْذلُون" (١).

تلك هي ثمانية مصادر معتمدة، سجلت خطبة طارق، ونسبتها إليه، دون أن تشك في نسبتها أو تشكك في نسبتها إلى طارق، وليس كما ادعى قسم من المستشرقين والمستغربين، أن المقّري في: نفح الطيب، هو وحده الذي سجلها: "أقدم مصدر للخطبة، فيما نعلم، كتاب المقّري المتوفي سنة (١٠٤١ هـ)، أي بعد أكثر من تسعة قرون من تاريخ الخطبة، وهو زمن أخطر من أن يُستهان به" (٢)، إذ تبين لنا أن الذين سجلوها فعلوا ذلك قبل صاحب نفح الطيب بأكثر من تسعمائة سنة ابتداء من سنة (٢٣٨ هـ) كما ورد في هذه الدراسة.


(١) نفح الطيب تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦) - القاهرة - ١٣٦٧ هـ، وتحقيق الدكتور إحسان عباس (١/ ٢٤١ - ٢٤٢)، بيروت - ١٣٨٨ هـ.
(٢) د. أحمد بسام الساعي - خطبة طارق بن زياد هل قالها حقاً؟ (٩٧) - مجلة العربي الكويتية - العدد: ٢٩٣ جمادى الآخرة ١٤٠٣ هـ - نيسان (أبريل) ١٩٨٣ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>