للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أدّعي أنّني استطعت تسجيل المصادر المعتمدة كافة التي سجلت الخطبة، فهذا ما أتمنى أن يفعله غيري من الباحثين بإذن الله، وقد اعتمدت في تسجيل نصوص الخطبة على باحثين سبقوني، وقد أشرت إلى أسمائهم وأسماء مؤلفاتهم ومقالاتهم ليعود الفضل إلى أصحاب الفضل، وسأعود إلى ذكرهم في الحديث عن المراجع الحديثة التي نسبت الخطبة إلى طارق ودافعت عن هذه النسبة إلى طارق.

وقبل أن أختتم الحديث عن الخطبة في المصادر، أريد أن أركِّز على نقطتين:

وردت كلمة: (عرباناً) في نص: ابن خلكان، ونص ابن الشباط، ونص المقري، وقد وردت في بعض النسخ بالزاي المعجمة (عُزْبان: جمع عَزَب)، وعلى هذا الوجه ينتفي الشك الذي أثاروه، فقالوا: (لم يكونوا عرباناً، بل كانوا برابرة). وحتى لو بقيت كما هي، فلا تدل على النسب العربي بقدر دلالتها على الفخر بهذا النسب، الذي قصده طارق، بنسبه هؤلاء البربر إلى العرب رفعاً لمعنوياتهم وأقدارهم، باعتبار أن العرب يومئذ هم الدعاة والحماة والخلفاء والقادة والمجاهدون والفاتحون، وكل إنسان يحب أن ينتسب إليهم، ليحظى بهذه المكانة الرفيعة.

ومن المدهش حقاً، أن البربر - على الرغم من محاولات الاستعمار الحديث - لا يؤلمهم أن يقال عنهم: إنهم عرب، بل يؤلمهم أن يقال عنهم: إنهم ليسوا عرباً. (١)

وهناك أدلة كثيرة على أن العرب والبربر من أرومة واحدة، يلتقون بأنسابهم وأحسابهم بالعرب الأقدمين، وبأمهم الرءوم: جزيرة العرب. (٢)

وأساليب البلاغة العربية كثيرة، فإذا قال قائد لرجاله: أنتم أسود، تقوية لمعنوياتهم، وحثاً لهم على الثبات، فقد لا يفهم غير العربي مثل هذا التعبير،


(١) عقبة بن نافع الفهري (٣٥) بيروت، ١٣٩٢ هـ.
(٢) انظر التفاصيل في: عقبة بن نافع (٢٣ - ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>