لأنه لا يفهم العربية، أما ألاّ يفهم العربي مثل هذا التعبير، فالأمر مختلف جداً. وكذلك بالنسبة لتعبير:(عرباناً) التي وردت في خطبة طارق، فإذا عجز غير العربي عن فهم هذا التعبير كما ينبغي، وفهمه بمعناه اللّفظي لا بمعناه المجازي، فله ما يسوّغ هذا العجز عن الفهم، أما العربي، فلا مسوّغ له بمتابعة من لم يفهم، وهو الذين يجب أن يفهم.
ومع ذلك، فإن الذين لم يفهموا هذا التعبير أو فهموه، قد بالغوا كثيراً في استنتاج أن الخطبة ليست لطارق، استناداً على كلمة:(عرباناً)، فليس من السهل ردّ الحقائق بالظنون.
وإذا كان فتح المسلمين، لبلد من بلاد النصارى، كبلاد الأندلس مثلاً، وبقاؤهم فيه قروناً طويلة - كما هو معروف - حافزاً للمستشرقين من غير المسلمين على تصيُّد ما يستطيعون، به الشك والتشكيك في تاريخ الفتح الأندلسي وتاريخ المسلمين في الأندلس، فما الحافز للمسلمين في تقليد الشاكِّين والمشكِّكين؟؟
ومن غير المعقول أن نطبِّق الأفكار الشائعة في هذا القرن حول التفرقة بين الأقوام، على القرن الهجري الأول، الذي ساد فيه الإخاء الإسلامي، وأصبح التفاضل بين الأفراد بالتقوى لا بالنسب فلا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى، فما أراد طارق بتعبير:(عرباناً) نسباً، بل أراد غير ذلك، وعلى الباحث دراسته كما كان لا كما يريده أن يكون، ليستخلص الواقع ويبتعد عن الخيال.
تلك هي النقطة الأولى.
أما النقطة الثانية، فهي أن أسس خطاب طارق واحدة في النصوص الثمانية التي سجلتها المصادر المعتمدة الثمانية، ولكنّها تختلف في بعض الكلمات وبعض التعابير بما لا يمسّ بأسس معاني الخطاب، كما تختلف في حجم الخطاب طولاً وقصراً، والظاهر أن قسماً من المؤلفين سجّلوه حرفياً دون أن يختصروا منه شيئاً، وقسماً منهم سجّلوا أبرز ما ورد في الخطاب من