للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَقَّري في نفح الطيب -: "ومضى خلف من فرّ من أهل طليطلة، فسلك إلى وادي الحجارة ( Guadalajar) ثم استقبل الجبل فقطعه في فجّ سمي به بعد، فبلغ مدينة المائدة خلف الجبل، ....... ، ثم مضى إلى المدينة التي تحصنوا بها خلف الجبل، فأصاب بها حُلِيّاً ومالاً، ورجع ولم يتجاوزها إلى طليطلة، سنة ثلاث وتسعين. وقيل: إنه لم يرجع، بل اقتحم أرض جلِّيقِيّة واخترقها حتى انتهى إلى مدينة أسْتُرْقَة، فدوّخ الجبهة، وانصرفَ إلى طليطلة، والله أعلم" (١)، فقد عاد من مدينة المائدة، لأن الشتاء كان قد اقترب، وكان الإجهاد قد نال من المسلمين، وثقلوا بالغنائم، والأرجح أنه قام بحملاته نحو هذين البلدين القاصيين بعد ذلك بزمن ليس بالقصير (٢)، وقد استغرقت عمليات الفتح التي قام بها طارق، قبل لقائه بموسى بن نُصير وإنجازاته أقل من سنة، ربما بعدّة شهور (٣).

بقي عليّ أن أشير إلى تعاون المسلمين ويهود الأندلس، فهناك إشارات كثيرة في المصادر الإسلامية إلى هذا التعاون في أثناء فتح الأندلس، وتروي هذه المصادر أن المسلمين كرّروا ما فعلوه في قُرطبة وطليطلة على بقية المدن الأندلسية المفتوحة الأخرى، فحين يتم لهم فتح مدينة من المدن، يعمدون إلى ضم سكانها من يهود إلى المسلمين المدافعين عنها، حاميةً لها، بعد حركة المسلمين إلى فتح جديد (٤).

ومن الناحية الأخرى، فإن المصادر اللاتينية لا تشير إلى أيّ نوع من تعاون المسلمين مع يهود الأندلس، وبصورة خاصة حولية سنة (٧٥٤ م) وحولية بلدة


(١) نفح الطيب (١/ ٢٦٤ - ٢٦٥)، وانظر الروض المعطار (١٧٩).
(٢) فجر الأندلس (٨٠).
(٣) التاريخ الأندلسي (٦٦).
(٤) الرازي نشر جاينجوس (٧٢) والإحاطة برواية ابن القوطية (١/ ١٠١) وأخبار مجموعة (١٢ و ١٤ و ١٦) وابن الأثير (٤/ ٥٦٤) والبيان المغرب (٢/ ١٢) ونفح الطيب برواية الرازي (١/ ٢٦٣ - ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>