لقد كان الخليفة الوليد بن عبد الملك حريصاً غاية الحرص على سلامة المسلمين، فعارض منذ البداية في إقحامهم في بحر شديد الأهوال، فلما علم بما شرع به موسى من فتح غالة، اشتدّ قلقه وأرسل أبا نصر رسولاً ثانياً إلى موسى يستعجله القفول إلى دمشق، وإذا كان مغيث قد وافق على إكمال موسى لفتوحه، فلأنّ مغيثاً قائد يقدِّر أهمية الموقف العسكري الراهن، ويقدِّر أهمية إكمال الفتح لحاضر المسلمين ومستقبلهم في الأندلس، أما أبو نصر - كما يبدو - فلم يكن قائداً، وهو منفِّذ قويّ أمين للأوامر، شديد الضبط والربط، لا يقبل بعذر ولا ينصت إليه، فمن الواضح أنّ أبا نصر شخصية ثانية غير مغيث ومختلفة عنه كل الاختلاف. وفي نفح الطيب (١/ ٥٨) نص صريح وهو: "وقفل معهم - أي مع موسى وطارق - الرسولان: مغيث وأبو نصر"، انظر تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس (١٠٣ - ١٠٤) وقادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٧٠ - ٢٧١).