للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما ذكرنا ذلك في الحديث على: نسبه وأيامه الأولى، فلا ندري هل عاد طارق إلى الأندلس بعد موت موسى، أم رحل إليها عقبه، أو رحل إليها قسم منهم، ومتى؟

ومن المرجح أن عقبه هم الذين رحلوا إلى الأندلس، لأن طارقاً لو رحل إليها، لذكر رحيله المؤرخون، ولما سكتوا عنه.

ومن الواضح، أن طارقاً نَفْزاوِيّ من البربر ومن إفريقية، كما ذكرنا ذلك من قبل، ولم يدّعي أنه عربي، ولكن من جاء بعده من ولده ادّعى ذلك.

وقد ولد مسلماً، إذ كان أبواه وجده مسلمين، فهو من أسرة اشتهرت بسبقها إلى اعتناق الإسلام، إذ أسلم والد طارق أيام عُقبة بن نافع، والتحق طارق بعد وفاة والده بخدمة المسلمين، وكان إذ ذاك صغير السن، ولكنه كان يتمتع بقدر كبير من الحماسة والغيرة على الدين الإسلامي، جعله من أشد المقربين إلى موسى بن نصير (١). ولا نعلم بالضبط متى تم اتصال طارق بموسى ولا بمكانه، ولكننا نعلم أنه ولاّه مقدمته في فتح مدينة طنجة، فلما فتحت هذه المدينة ولاّه موسى على إدارة وقيادة هذه المدينة، وكان ذلك في حدود سنة تسعين الهجرية (٧٠٨ م) وأبقى معه عدداً قليلاً من العرب لنشر الإسلام بين البربر (٢).

وقد ظهر اسم طارق لأول مرة، بعد خروج موسى من القيروان لفتح مدينة طنجة، فولاّه موسى مقدمته، مما يدل على تبادل الثقة بين موسى وطارق، ولا تكون هذه الثقة إلاّ نتيجة لتجربة عملية طويلة، نجح فيها طارق بالنسبة لموسى، فحصل على ثقة موسى الكاملة به، فولاّه قيادة مقدّمته، فهل كانت


(١) الشيخ محمد أبو زيد طنطاوي - فتح العرب للأندلس - مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (٤٣ - ٤٤) العدد الثاني - السنة العاشرة - رمضان ١٣٩٧ هـ - مؤسسة مكة للطباعة والإعلام.
(٢) ابن حبيب (٢٢٢) وفتح مصر والمغرب (٢٠٤ - ٢٠٥) وابن الأثير (٤/ ٥٤٠) ووفيات الأعيان (٥/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>