للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعقابهم، كل ذلك غير معروف! كما لا يدري أحد متى مات وأين مات، وكم كان عمره يوم توفي؟.

وقد ذكرنا نص خطبة طارق في رجاله، قبل أن يخوضوا المعركة الحاسمة، معركة وادي لَكُّهْ، وتروى لطارق كذلك أبيات من الشعر، لا بأس من ذكرها هنا، وهي:

ركبنا سَفِيناً بالمجاز مُقَيَّراً ... عسى أن يكون الله مِنّا قد اشترى

نُفُوساً وأمولاً وأهلاً بجَنَّةٍ ... إذا ما اشْتَهَيْنَا الشَّيء منها تَيَسَّرا

ولسنا نُبالي كيف سَالت نُفُوسُنا ... إذا نحن أدركنا الذي كان أَجْدَرا

وهذه الأبيات مما يُكتب لمراعاة قائلها ومكانته، لا لعلوّ طبقتها (١). وهي ليست من الشعر البليغ، ولكنها من النظم الموزون المقفّى، وهي إن دلّت على شىء، فإنما تدل على إيمان طارق العميق بالإسلام، ومبلغ حبّه للجهاد في سبيل الله واستعداده للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله بالمال والنفس والأهل. ومن الواضح أن هذه الحماسة الدينية لطارق، كانت وراء اندفاعه الشديد في طريق الفتح.

وهذه الأبيات، في معانيها مقتبسة من قوله تعالى: ((*إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّاً فِي الْتَّوْرَاةِ وَالْلإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*)) (٢).

"وكان طارق حسن الكلام، ينظم ما يجوز كتبه" (٣)، إنه كان بليغ العبارة في نثره، قوي الأسلوب، متين التراكيب، كما يشهد على ذلك خطابه التاريخي، وإنه كان ينظم الشعر، ومهما قيل في ضعف شعره وقلّته، فإن نثره


(١) أنشد في المُسْهَب وابن اليَسَع في المُعْرِب لطارق من قصيدة قالها في الفتح، أنظر نفح الطيب (١/ ٢١٥).
(٢) الآية الكريمة من سورة التوبة (٩/ ١١١).
(٣) نفح الطيب (١/ ٢٣١) برواية بشكوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>