قُرطبة، وكان طارق قد فتح قرمونة، ويبدو أن المقاومة القوطية استعادتها من المسلمين، ففتحها موسى ثانية.
ومن الواضح، أن سقوط شذونة وقرمونة بعد فتحها من طارق لأول مرة، عرّض خطوط مواصلات طارق للانقطاع، مما يكبِّدها خسائر فادحة بالأرواح ويجبرها على الاستسلام، فكان من أول ثمرات عبور موسى إلى البر الأندلسي، استعادة فتح هاتين المدينتين من جديد، تأميناً لخطوط مواصلات قوات طارق في الأمام، وترصيناً لموقفها في الثبات، وقضاء على مراكز المقاومة القوطية في مؤخّرة قوات المسلمين.
واتجه موسى نحو الغرب، ليفتح مدينة إشبيلية كبيرة مدائن الأندلس بعد طليطلة إذ ذاك، ففتحها موسى بعد بضعة أشهر من الحصار، وكان طارق قد فتح هذه المدينة لأول مرة، ويبدو أن القوط استعادوها من المسلمين، فاستعادها موسى إلى المسلمين بعد قتال مرير.
وسار موسى على رأس قواته إلى مارِدَة، وكان الهاربون من فلول القوط قد تجمعوا فيها، لأنها بلد بعيد صعب المنال وعر المسالك، فبقي موسى محاصراً البلد بقية الصيف والشتاء التالي، ولم يسلِّم البلد إلاّ بعد عشرة أشهر من الحصار الصعب المديد، مما يدل على صلابة عود المقاومة القوطية في هذا البلد المنيع.
وكان الطريق بين ماردة إلى طليطلة جبلياً وعراً، وكان ملغوماً بالمقاومة القوطية المتنامية، فتوجه موسى إلى طليطلة، وتوجه طارق من طليطلة باتجاه ماردة، فالتقى القائدان في وسط الطريق بين طليطلة وماردة، بعد مقاومة شديدة وقتال متواصل، فقد كانت المقاومة القوطية قد اتخذت من المواقع الجبلية جيوباً للمقاومة، وساعدت وعورة المنطقة على نجاح هذه المقاومة، ولكن قوات طارق وموسى كبّدوا المقاومة القوطية خسائر فادحة، دون أن يستطيعوا استئصال شأفتها من الجذور.
وكانت المعركة التي شهدها موسى وطارق في طريق ماردة طليطلة معركة