للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعلومات عن طبيعة الأرض والسكان وأساليب قتالهم ودرجة ضراوتهم، وتفاصيل قيادتهم، ومبلغ الثقة المتبادلة بين القيادة والسكان، ومبلغ حرص السكان والقيادة على الدفاع عن أرضهم (١)، وكان لقيام طريف بعدّة غارات في المنطقة دون أن يلاقي أيّة مقاومة (٢)، نتيجة مهمة واحدة، هي: عدم حرص القيادة والسكان على الدفاع عن أرضهم كما ينبغي، وهي نتيجة على درجة عالية من الأهمية بالنسبة لخطط الفتح، وبالنسبة للمسلمين الفاتحين.

ولكن مهمة سرية طريف الاستطلاعية، لم تقتصر على هذه الناحية من جمع المعلومات عن أهل الأندلس وطبيعة أرضهم حسب، بل تتعدّاها إلى استطلاع حقيقة نوايا يليان ومَن معه تجاه السلطة القائمة في الأندلس، والمتمثلة بالملك لذريق ونظامه، وحقيقة نواياه ومَن معه تجاه المسلمين الفاتحين. وقد أثبتت سرية طريف الاستطلاعية، أن يليان ورجاله يحقدون على لذريق، ولا يتأخرون عن التشبث بكل وسيلة ممكنة للقضاء عليه، وأنهم من أجل التنفيس عن حقدهم عملياً، يضعون كل طاقاتهم المادية والمعنوية للتعاون مع المسلمين في ميدان القتال ومعاونتهم، وكان التأكد من تلك النوايا ضرورياً لاستكمال الإعداد للفتح، وقد تأكد لموسى بن نصير وطارق بن زياد، أن يليان ومَن يشايعه صادقون في معاونتهم وتعاونهم مع المسلمين الفاتحين، وأن غرضهم هو التعاون والمعاونة وليس خدعة بل حقيقة لا غبار عليها.

وهذا مثال على مبلغ حرص المسئولين يومئذ، خلفاء وقادة، على أرواح


(١) الاستطلاع نوعان: الاستطلاع بدون قتال، بأفراد قلائل، والاستطلاع بالقتال، بقوّة قادرة على القتال، تستطيع الحصول على المعلومات بالقتال، كسرية طريف، أنظر كتب التدريب التعبوي الرسميّة.
(٢) أخبار مجموعة (١) وفتح الأندلس (٥) وابن الكردبوس (٤٥) وذكر بلاد الأندلس (٨٤) وابن الأثير (٤/ ٥٦١) والبيان المغرب (٢/ ٥) والنويري (٢٢/ ٢٦) ونفح الطيب (١/ ١٦٠ و ٢٥٣ - ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>