مصير الإقدام على فتح الأندلس، لا بد من أن تتيسر فيه مزايا قيادية متميزة، تؤهله لتولي مثل هذه المهمة المصيرية الصعبة، لا لينجح في تحقيق مهمته كما ينبغي حسب، بل ليتفوق في نجاحه، وحينذاك يصبح الخليفة مرحباً بالفتح لا متخوفاً على المسلمين منه.
ومفتاح مزايا شخصية طريف القيادية، تتركز في إيمانه العميق، فهو مجاهد صادق. وهو شجاع مقدام، يعتبر الشهادة أُمْنِية من أعزّ أمانيه، وهو متزن غير متهوِّر، لا يخطو خطوة بدون حساب، وهو كذلك ذكي ألمعي الذكاء.
وتلك هي أبرز مزاياه القيادية، التي جعلت موسى بن نصير يوليه أهمّ وأخطر منصب قيادي مصيري، فنهض بأعبائه بنجاح عظيم.
أما مجمل مزاياه القياديّة الأخرى، فيمكن تعدادها بإيجاز شديد.
فقد كان من أولئك القادة الذين يتمتعون بمزية: إصدار قرار صحيح سريع لأخذ المبادرة، ووضع الحلول الناجعة للمعضلات، في الوقت والمكان الجازمين، دون إضاعة الوقت سدى.
وكان على جانب عظيم من: الشجاعة الشخصية، فبقي مجاهداً في ساحات الفتوح حتى توقف مَدّ الفتوح، ثم دأب على القتال حتى نهاية أيامه في هذه الحياة.
وكان ذا إرادة قوية ثابتة، لا يضعف ولا يهون، ولا ينحرف عن هدفه ولا يتزعزع، ولا يسالم ولا يستسلم.
وكان يتحمل المسئولية، ويحبها، ولا يتهرب منها، ولا يتملّص من أعبائها، ولا يلقيها على عواتق الآخرين رغبة بالسلامة والعافية.
وكان له نفسية لا تتبدّل، في حالتي النصر والاندحار، واليسر والعسر، والرخاء والشدّة.
وكان لذكائه المفرط، يتمتع بمزية: سبق النظر، فكان يتوقع ما يُعدِّه العدو له من خطط للإيقاع بقواته، فيضع الخطط التي تُحبط خطط العدو، وتؤدي به