للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصر، وكانت بالنسبة لقوة طريف جيدة للغاية، وكان وضع رجاله الإداري أفضل بكثير من وضع غيرهم من الفاتحين شرقاً وغرباً.

وكان يساوي نفسه بأصحابه، ويعيش معهم كما يعيشون، ويحاول ألاّ يتميز عليهم بمظهر من مظاهر الدنيا، ولا يرضى أن يتميز أحد من أصحابه على غيره مادياً أو معنوياً.

وكان يؤمن بمبدأ: الشورى، فيستشير رجاله، ويشاورهم فيما يعترضه من مشاكل، ويطبق مشورتهم.

لقد تقدّم طريف على غيره من البربر المسلمين، بمزاياه القيادية التي لفتت إليه الأنظار، فولاه موسى منصباً قيادياً، في ظروف غير اعتيادية، لينهض بتحقيق هدف مصيري صعب، في أيام يصعب فيها على غير العرب المسلمين الوصول إلى المناصب القيادية، لأنها كانت للعرب المسلمين وحدهم دون سواهم، ولكن طريفاً وطارق بن زياد وحدهما من البربر توليا منصبين قياديين في فتوح الأندلس، وكانا قبل ذلك من أقرب المقربين إلى موسى بن نصير ومن أبرز المقربين إليه من البربر المسلمين. كما تولى طارق منصبه القيادي بمزاياه القيادية أولاً وقبل كل شىء، ولكن قربه من موسى بن نصير، أتاح له فرصة إظهار تلك المزايا للعيان، وربما لو كان بعيداً عن موسى، لما استطاع موسى اكتشاف تلك المزايا القيادية في طارق بسهولة ويسر، ولما أتاح له الفرصة الملائمة لتولي منصبه القيادي الرفيع، فكانت تولية طارق لمزاياه القيادية أولاً، ولقربه من موسى صاحب السلطة في اختيار القادة وتوليتهم ثانياً، كذلك كان الأمر بالنسبة لطريف، فقد شقَّ طريقه إلى منصبه القيادي بمزاياه القيادية أولاً، وبتماسه الشديد بموسى.

وعلى كل حال، فقد كان طريف على حسن ظنّ موسى بن نصير به، وعند حسن ظن طارق بن زياد أيضاً، وعند حسن ظن المسلمين الفاتحين في الأندلس، وكان تولّيه منصباً قيادياً مكسباً لا شك فيه للقيادة العامة وللفتح والفاتحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>