للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواجهة باب القنطرة، أو باب الصورة، نسبة إلى تمثال أسد كان قائماً على مقربة من السور، وظل قائماً أيام المسلمين، وجعل مغيث ورجاله يدورون حول السور يلتمسون ثغرة فيه يدخلون منها إلى قرطبة (١).

وحاول المسلمون التعلق بالسور، فلم يجدوا مُتَعلّقا، ورجعوا إلى الراعي في دلالتهم على الثغرة التي ذكرها، فأراهم إياها، فإذا بها غير متسهّلة التسنّم، إلاّ أنه كانت في أسفلها شجرة تين مكّنت أفنانها من التعلّق بها، فصعد رجل من أشِدّاء المسلمين في أعلاها، ونزع مغيث عمامته فناوله طرفَها، وأعان بعض الناس بعضاً، حتى كثروا على السّور. وركب مغيث ووقف من خارج، وأمر أصحابه المرتقين للسور بالهجوم على الحرس، ففعلوا وقتلوا نفراً منهم، وكسروا أقفال الباب، وفتحوه. ودخل مغيث ومَنْ معه، وفتحوا المدينة عَنْوَة (٢).

وهاجم مغيث ومَن معه من المسلمين قصر الملك (٣)، وقد بلغ الملك دخول المسلمين المدينة، فبادر بالفرار عن البلاط في أصحابه، وهم في زهاء أربعمائة فارس، وكانوا مقيمين مع الحاكم في الجزء الغربي من قرطبة، الذي سيعرف في أيام المسلمين بالمدينة أو القصبة (يسمى اليوم لافيليا = المدينة)، وكان الملك مقيماً وحده في قصر منيف من الضاحية التي ستعرف أيام المسلمين برَبَض الورّاقين، وأسرع الملك إلى حاميته القوطية، فطارده المسلمون، ففز بجنده إلى كنيسة قريبة تسمى كنيسة اشيسكلو ( San Acisclo) (٤) وتحصَّن فيها، فحاصرها المسلمون. واستمر الحصار


= فترجّل القوم حتى عبروا النهر، وليس بين النهر والسّور إلاّ مقدار ثلاثين ذراعاً"، أنظر نفح الطيب (١/ ٢٦١).
(١) فجر الأندلس (٨٠ - ٨١).
(٢) نفح الطيب (١/ ٢٦١) وأنظر البيان المغرب (٢/ ١٠).
(٣) حاكم المدينة، وقصر الملك هو البلاط: ( Palatum) عن اللاتينية كما هو معروف.
(٤) يسمي صاحب الأخبار المجموعة هذه الكنيسة: شنت أجلح، وقد ورد في تقويم قرطبة لعريب الذي نشره دوزي، أنّ هذه الكنيسة هي سان أثيسكلو بالعجمية، أنظر =

<<  <  ج: ص:  >  >>