للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ببعض العذر (١).

وقد كان للخلفاء أساليب خاصة، لمعرفة تفاصيل أعمال ولاتهم وقادتهم وتصرفاتهم، للاطمئنان إلى أن أولئك القادة والولاة، لا يخرجون عن الخطّة العامة التي رسمها لهم الخلفاء، وليحول الخلفاء جهد الإمكان دون خروج الولاة والقادة عليهم عند سنوح الفرصة المناسبة لهم للخروج.

ومن تلك الأساليب الخاصة التي يسيطر بها الخلفاء على ولاتهم وقادتهم، وبخاصة أولئك الذين يعملون في الأصقاع النائية عن عاصمة الخلافة، هي إرسال مَن يعتمدون عليه من الرجال، لينقل إليهم بدقّة وسرعة وأمانة كل ما يراه الخلفاء ضرورياً لجعلهم مطمئنين على سير الأمور في مختلف البلاد والأمصار كما يريدون (٢).

وكان مغيث أحد هؤلاء الذين كان الوليد بن عبد الملك يعتمد عليهم، وقد وقع بينه وبين طارق، ثم وقع بينه وبين موسى، فرحل معهما إلى دمشق، ثم عاد ظافراً عليها إلى الأندلس. وكان مغيث مشهوراً بحسن الرأي والكيد (٣)، وكان يطمع بولاية الأندلس، فلما عزم سليمان على تولية طارق بن زياد، استشار مغيثاً، فصرفه عن عزمه، وقد بالغ في إذاية موسى عند سليمان (٤).

والظاهر أن مغيثاً لم يدّخر وسعاً في تشويه سمعة موسى عند الوليد بن عبد الملك، وعند سليمان بن عبد الملك من بعده، طموحاً لتولي الأندلس من بعد موسى، ولكن كان مغيث صادقاً في اتهامه، إذ حقّق سليمان جميع ما رُمي به موسى عنده، فأغرمه غرماً عظيماً (٥).

ولا شك في نزاهة موسى بن نصير، ولكنه كان على جانب عظيم من الجود


(١) نفح الطيب (١/ ٢٧٩ - ٢٨٠).
(٢) قادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٨١).
(٣) نفح الطيب (٣/ ١٣).
(٤) نفح الطيب (٣/ ١٣ - ١٤).
(٥) نفح الطيب (١/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>