للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون لنا عليه؟ "، فطلبه منه، فامتنع من تسليمه، فهجم موسى على العلج وانتزعه من مغيث، ثم ضرب عنقه (١)، كما ذكرنا.

فإذا صحّت هذه الروايات أو لم تصحّ، فإنه كما قيل عنه: كان مشهوراً بالرأي والكَيْد، وأنه كان على جانب كبير من الذكاء والفطنة وحضور البديهة، وأنه كان منتبهاً أشدّ الانتباه إلى ما حوله ومَنْ حوله، وليس من السهولة أن يُؤخذ على حين غُرّة، أو يتغلب عليه أحد، وأنه كان طموحاً يحب التملّك والمال حبّاً جمّاً. لذلك كان أحد مسئولي مخابرات الدولة الكبار المرموقين، الذين يفرض كفايته على الخلفاء، فاستعان به الوليد بن عبد الملك، ثم استعان به سليمان بن عبد الملك (٢)، دون أن يستطيع الاستغناء عنه أو يُسدل عليه ستاراً من ستائر النسيان.

حتى الخليفة هشام بن عبد الملك الذي تولى الخلافة سنة خمس ومائة الهجرية (٣) (٧٢٣ م) بعد موت يزيد بن عبد الملك، الذي خلف عمر بن عبد العزيز، الذي خلف سليمان بن عبد الملك، الذي خلف الوليد عبد الملك، الخليفة هشام هذا الذي أخرج أحد قادته إلى إفريقية (٤)، عهد إليه أن يطيع مغيثاً مولى الوليد، لمعرفته بالبلد (٥)، مما يدل على أنه بقي غير مجهول المكانة والمكان لكفاياته المتميّزة، وإخلاصه للبيت الأموي إخلاصاً لا شائبة فيه. ولكن مغيثاً قُتِل في إفريقية (٦)، في منطقة طنجة، وكان مع جيش الدولة في قتال الخارجين من البربر، وكان قتله سنة ثماني عشر ومائة الهجرية (٧) (٧٣٦ م). فإذا كان عبد الملك قد أدّب مغيثاً مع ولده الوليد بن


(١) نفح الطيب (٣/ ١٣).
(٢) نفح الطيب (٣/ ١٤).
(٣) ابن الأثير (٥/ ١٢٣).
(٤) أخبار مجموعة (٣٠).
(٥) أخبار مجموعة (٣١).
(٦) أخبار مجموعة (٣٤).
(٧) أنظر التفاصيل في ابن الأثير (٥/ ١٩٠ - ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>