للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادِّعاء مَن كان عليهم لا معهم بأنهم موالي، كان نتيجة لتعالي أولاد عبد العزيز بالنسب المفتعل، فهو رد فعل تلقائيّ لهذا التعالي الموهوم، فلا يُؤخذ به ولا يُصَدَّق، لأنّ دوافعه عاطفيّة لا واقعيّة.

إنّه عربيّ (١) من بني لَخْم، أبوه موسى بن نُصَيْر الَّلخْمِيّ (٢) فاتح الأندلس المشهور، وكان والياً على إفريقيّة والمغرب من أواخر سنة خمس وثمانين الهجرية (٧٠٤ م) أو أوائل سنة ست وثمانين الهجريّة (٧٠٥)، كما شغل عدة مناصب إدارية وقياديّة قبل ذلك، تدلّ على أنّه كان قريباً من بني أُميّة ومَن يعمل معهم في الإدارة والقيادة.

ولم يكن جَدُّه نُصَير، بعيداً عن مراكز السّلطة في الإدارة والقيادة أيضاً، وأصله من سبايا بلدة عَيْن التّمر (٣) الذين سباهم خالد بن الوليد سنة اثنتي عشرة الهجرية (٦٣٣ م)، فقد وجد خالد أربعين غلاماً يتعلّمون الإنجيل، عليهم باب مغلق، فكسره عنهم وقال: "وما أنتم؟! "، فقالوا: "رُهُن! "، منهم نُصَير أبو موسى بن نُصَير، فقسّمهم خالد في أهل البلاد (٤)، فأصل عبد العزيز من عين التّمر (٥). وقد أعتق نُصيراً بعضُ بني أُميَّة، فرجع إلى الشَّام (٦)، ثم أصبح من حرس معاوية بن أبي سفيان (٧) رضي الله عنه، ثمّ أصبح على حرس معاوية (٨)، وعلى جيوشه (٩)، وكانت منزلته عند معاوية


(١) البلاذري (٢٤٨) والنجوم الزاهرة (١/ ٢٣٥).
(٢) أنظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٢١ - ٣٠٩).
(٣) عين التّمر: بلدة قريبة من الأنبار (مدينة الفلّوجة على الفرات القريبة من بغداد في غربيها) غربيّ الكوفة، بقربها موضع يقال له: شفاثا، معروف اليوم، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (٦/ ٢٥٣).
(٤) الطبري (٢/ ٥٧٧) وأنظر ابن الأثير (٢/ ١٥١).
(٥) البداية والنهاية (٩/ ١٧١).
(٦) البلاذري (٢٤٨) ومعجم البلدان (٧/ ٢٦٧).
(٧) ابن خلدون (٤/ ١٨٧).
(٨) وفيات الأعيان (٤/ ٤٠٢) ونفح الطيب (١/ ٢٢٤).
(٩) نفح الطيب (١/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>