للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التابعين الذين كانوا؟ مع موسى بن نُصير" (١)، ومعنى هذا عبد العزيز افتتح شَنْتَرِيْن وَقُلُمْرِيَّة صلحاً، وذلك أثناء وجود أبيه في الأندلس، وبذلك فتح ما بقي من مدائن الأندلس (٢).

ومن الواضح، أنّ طارقاً وموسى، لم يفتحا جميع أنحاء شبه الجزيرة الأندلسيّة، فبقيت مناطق لم تصل إليها جيوش الإسلام بعد. وقد تجمّعت في بعض الأقاليم غير المفتوحة، وفي الجيوب الجبليّة النائية الوعرة، مراكز للمقاومة القوطية ضدّ المسلمين، فاقتضى الأمر إخماد تلك المقاومات وإتمام فتح الأندلس (٣).

ولم يكن موسى، ليترك ابنه عبد العزيز - وهو القائد الذي عرف بشجاعته ومهارته - عاطلاً في أيامه. ولو مضى عبد العزيز مع قوّات أبيه في فتوحه شمالاً، لظهر له أثر واضح في الفتح كما ظهر لغيره مثل طارق بن زياد، وذلك في الصفحة الأخيرة من فتوحات موسى بن نُصير. كما أنّ وجود عبد العزيز في باجَة القريبة من تلك المناطق غير المفتوحة، لابدّ أن يغريه بفتحها.

والأهم من كلِّ ذلك، أنّ الموقف العسكري الذي كان موسى يحسب حسابه بكلّ دقّة، يحتِّم عليه أن يحمي جناح تقدّمه الأيسر، فقد كان هذا الجناح مكشوفاً أيام طارق بن زياد، وأصبح مكشوفاً بعد تغلغل موسى في فتوحه شمالاً، وإلاّ تعرّض جناحه الأيسر لتهديد المقاومة القوطيّة، وتعرضت خطوط مواصلاته الطويلة إلى تهديد العدو القوطيّ الرابض في غربي الأندلس (البرتغال)، فلم يكن باستطاعة موسى أن يتقدّم شمالاً في فتوحه، ما لم يؤمِّن جناحه الأيسر، بالقضاء على مراكز المقاومة القوطيّة، وذلك بفتح تلك المراكز، التي هي المدن البرتغالية، ولم يكن هناك أولى بفتحها من عبد


(١) الرحلة الشريفيّة إلى الأقطار الأندلسية (٢٠٠).
(٢) تاريخ افتتاح الأندلس (٣٦).
(٣) قادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>