العزيز الذي كان في باجَة القريبة من غربيّ الأندلس.
والذي يؤيد أن عبد العزيز فتح ما فتح في شرقيّ الأندلس وفي غربيّ الأندلس، في أيام وجود أبيه موسى في الأندلس، وليس بعد رحيله عنها إلى دمشق، أنّ هذا الفتح كان لتأمين جناحيّ قوّات طارق بن زياد وموسى بن نُصير بعد عبوره إلى الأندلس، ولتأمين خطوط مواصلات قوات المسلمين المندفعة عمقاً نحو الشمال، للقضاء على المقاومة القوطية الرئيسة في عقر دارها في المناطق الوعرة والجبليّة، ولفتح المدن والمناطق الأندلسيّة غير المفتوحة في شمالي الأندلس. فلما أتمّ موسى تحقيق أهدافه في الفتح، وأتمَّ طارق بن زياد تحقيق أهدافه في الفتح أيضاً، وأكمل عبد العزيز تأمين خطوط مواصلات قوات المسلمين بقيادة موسى وطارق المتغلغلة بالعمق شمالاً، وأكمل تأمين جناح تلك القوات الأيمن وجناحها الأيسر، وفتح ما فتح شرقاً وغرباً، ولم يبق أمامه غير ترصين ما فتحه، فلما غادر موسى الأندلس إلى الشام وبرفقته طارق بن زياد، أصبح على عاتق عبد العزيز ترصين ما فتحه موسى وطارق إضافة إلى ما فتحه هو، ولم يكن ذلك بالأمر السهل، وبخاصة وأنّه لم بمكث طويلاً على الأندلس بعد رحيل والده موسى عنها، إذ رحل هو الآخر عنها لا إلى دمشق، كما فعل أبوه، بل إلى جوار الله، كما سيرد ذلك وشيكاً.
وبهذه المناسبة فقد أثار بعض المؤرخين الأجانب بعض التساؤلات عن عبد العزيز وتابعهم عليها بعض المؤرخين العرب والمسلمين، فقالوا:"وبعد إقرار الأمور في المنطقة الجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة، عاد عبد العزيز، إما حسب رغبته، وإمّا لأنّه استُدعي من قبل والده"، وهذا التساؤل وأمثاله لا محلّ له ولا مسوِّغ، فتوجيه عبد العزيز للفتوح شرقاً وغرباً، كان ضمن الخطّة السَّوْقِيّة للفتح، وأهدافه تعيَّن له من القائد العام الذي هو أبوه موسى بن نُصير، فالقائد المرءوس مقيّد بتنفيذ الخطّة العامة ومسئول عن تنفيذ الجزء الخاص به منها، وله الحرية الكاملة في تنفيذ ما يخصه من الخطة السوقية