للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستشرقون، وتابعهم عليها بعض المؤرخين العرب والمسلمين، فمكانة أهل الذمّة بين المسلمين معلومة، وحمايتهم واجية، ورعايتهم أمانة، والالتزام بالعهود مُحَتَّم على المسلمين.

ومن الواضح أن عبد العزيز عقد هذه المعاهدة في أيام أبيه على الأندلس، لأنّها عُقدت سنة أربع وتسعين الهجريّة، وموسى بن نُصير غادر الأندلس سنة خمس وتسعين الهجرية، فلا مجال للتشكيك في موعد عقدها.

وتدمير هذا هو ابن ( Ergobados) (١) ، وهو يقرأ: إمّا غوبادوش أو جوبادوش، وهو قريب من الاسم العربي الذي أطلقه عليه العرب (٢)، وكان تدمير أحد كبار قادة غيطشة ملك الأندلس الذي اغتصب ملكَه لذريقُ، وكان نصرانياً مثقفاً، استطاع بعلمه وفضله اكتساب احترام المسلمين. وما دام تدمير لم يُسلم، وعقد الصّلح مع المسلمين على الجزية، فقد أصبح من أهل الذمّة، له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم.

وحين غادر موسى بن نُصير الأندلس، ولّى ابنه عبد العزيز على الأندلس، وترك معه مَن يعاونه من أقدر الرجال، مثل حبيب بن أبي عُبَيْدَة الفِهْرِي، أحد أحفاد عُقْبَة بن نافع الفِهْرِي، وترك مع ابنه كثيراً من القادة المسلمين الآخرين مع أفراد قبائلهم، ليدافعوا عن الأندلس (٣) ويحموه، وقد اختار موسى إشبيلية عاصمة للبلاد، بسبب قربها من البحر والمضيق، كما جعلها أيضاً قاعدة بريّة بحرية للمسلمين في الأندلس (٤).

وبدأت مشاكل عبد العزيز، بعد مغادوة موسى الأندلس إلى دمشق،


(١) Saavedra. OP. Cit. P. ٨١
(٢) كما جاء ذلك في: بغية الملتمس (٢٦٩ و ٣٣٧ و ٤٠٠) وفي نظم العقيان لأحمد بن أنس العذري: غبدوش.
(٣) أخبار مجموعة (١٩) وفتح الأندلس (١٧) وابن الأثير (٤/ ٥٦٦) والبيان المغرب (٢/ ٢٣) ونفح الطيب (١/ ٢٧١) وابن خلدون (٤/ ٢٥٥).
(٤) أخبار مجموعة (١٩) ونفح الطيب (١/ ٢٧٦) والرسالة الشريفية (٢١٠) وابن الأثير (٤/ ٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>