للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصبح يحارب في جبهتين: الجبهة الداخلية المتمثلة في الطّامعين بحكم الأندلس، المنافسين له على ولايتها، يشجِّعهم على ذلك موقف الخلافة من موسى بن نُصَير، في اضطهاده ومحاسبته حساباً عسيراً، فكان التيار السّائد على عبد العزيز لامعه. والجبهة الخارجية، المتمثلة بالمقاومة القوطيّة المتربِّصة بالفاتحين، التي تنتهز الفرصة للانقضاض على الفاتحين، وإعادة المناطق المفتوحة إلى الحكم القوطي من جديد.

وقضى عبد العزيز في ولايته نحو سنتين، عنى خلالهما بتحصين الثُّغور وقمع الخروج والعصيان، وأبدى همّة في تنظيم الحكومة الجديدة وإدارتها، وأنشأ ديواناً لتطبيق الأحكام الشرعيّة وتنسيقها. وشجع الزواج بين العرب والإسبان، وتزوج أجيلونا (إيجلونا) التي تسميها المراجع العربية: أَيْلُه (أيلونا) أو أم عاصم، وكانت أيلونا قبل ذلك زوجاً للذريق (١)، فيما تذهب إليه المراجع: "وكانت قد صالحت على نفسها في وقت الفتح، وباءت بالجزية، فأقامت على دينها، فحظيت عنده وغلبت على نفسه" (٢) فتزوجها بعد خروج أبيه موسى من الأندلس، فجاءته من الدنيا بشيء كثير لا يُوصف (٣).

وانتهز الطامعون بولاية الأندلس، المنافسون له بولايتها فرصة زواجه بأيلونا المسيحيّة، فزعموا أنّها ملكت زمام زوجها، فتابعها في كثير مما أرادت (٤)، وأنّها عملت له تاجاً من الذّهب والجوهر، وحملته على أن يلبسه، لأنّ: "الملوك إذا لم يُتوّجوا، فلا ملك لهم" كما قالت، وما زالت به حتى قَبِل أن يلبسه إذا خلا إليها، فشاع تتويجه في خيار جند المسلمين، فلم


(١) وقال الواقدي ونقله ابن عبد الحكم، إنّها كانت ابنة لذريق لا زوجته، أنظر أخبار مصر (٢١٢) وفتوح مصر والمغرب (٢٨٥) والبيان المغرب (٢/ ٢٣)، وضبطت فيه أَيْلُه.
(٢) فتح الأندلس (٢١) وابن الأثير (٥/ ٢٢).
(٣) فتوح مصر والمغرب (٢٨٥).
(٤) فجر الأندلس (١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>