للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن لهم هَمٌّ إلاّ كشف ذلك، حتى رأوه عياناً، فقالوا: تنصّر! ثم هجموا عليه، فقتلوه (١).

ولم تقف حرب الإشاعة على عبد العزيز إلى هذا الحد، ويبدو أنّ قصّة لبس التاج وتنصّره، تؤثِّر في الرأي العام لجند المسلمين في الأندلس، باعتبار أنّهم يرفضون كلّ انحراف عن تعاليم الإسلام، ولكنّ مثل تلك الإشاعة، لا تؤثّر في الذين خبروا مزايا عبد العزيز تقيّاً نقيّاً ورعاً، كما لا يصدِّقها العقلاء الذين في السُّلطة أو خارجها، فأشاعوا أنّه: "لما بلغ عبد العزيز بن موسى ما نزل بأبيه وأخيه عبد الله بن موسى الذي كان في القيروان على إفريقيّة والمغرب وآل بيته، خلع الطاعة وخالف، فأرسل إليه سليمان بن عبد الملك رسولاً فلم يرجع، فكتب سليمان إلى حبيب بن أبي عبيدة بن عُقبة بن نافع ووجوه العرب سراً بقتله، فلما خرج عبد العزيز إلى صلاة الفجر، قرأ فاتحة الكتاب، ثم قرأ سورة الواقعة، فقال له حبيب: حقّت عليك يا ابن الفاعلة! وعلاه بالسيف، فقتله" (٢)، وقد ركز قسم من المستشرقين على تصديق اتّجاه عبد العزيز إلى الاستقلال عن الخلافة بالأندلس (٣)، وتابعهم على تصديق هذا الزّعم المتهافت قسم من مؤرخي العرب والمسلمين.

وأمّا القول بأنّ الخليفة سليمان بن عبد الملك أوعز بقتله، فقول لا يجد ما يؤيِّده من الواقع ومن التفكير السّليم، لأنّ الخليفة لم يكن عاجزاً عن عزله إن أراد، وقد سبق للخليفة عزل أبيه موسى وهو أقوى منه وأكبر مكانة وأنصع تاريخاً وأكثر أتباعاً، فعزله بسهولة ويسر، واستخرجه من الأندلس مع رجل أو رجلين من رجال للخليفة، دون أن يستطيع موسى تحريك ساكناً. كما لم يكن سليمان ليخشى ثورته بالجند، لأنّ الجند كان مختلفاً عليه، وليس


(١) البيان المغرب (٢/ ٢٣).
(٢) البيان المغرب (٢/ ٢٣ - ٢٤) وفتح الأندلس (٢٣).
(٣) أنظر مثلاً: Losmozarales de Espana,:ibid, p. ٧٧٨ Vol, ١, p.١٤٧-C.Julian F.j.Simonet: Historia de

<<  <  ج: ص:  >  >>