للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتماع المسلمين ومكان صلاتهم. ولو كان ضعيفاً مترفاً لسكن أحد قصور إشبيلية الفخمة، ولما استقرّ في دار متواضعة، ليكون قريباً من رجاله ومن مسجده.

أمّا أنّه تنصّر، فقد كان خيّراً فاضلاً (١)، ومن خير الولاة (٢)، ولمّا أُحضر رأس عبد العزيز بين يدي سليمان، حضر أبوه موسى، فقال له سليمان: "أتعرف هذا؟ "، قال: "نعم، أعرفه صوّاماً قوّاماً، فعليه لعنة الله إن كان الذي قتله خيراً منه" (٣).

والمعقول، أنّ عبد العزيز ذهب ضحيّة الطامعين بولاية الأندلس والمنافسين له على الحكم، وبخاصة بعد أن أصبح أبوه موسى وأهل بيته من المغضوب عليهم، فكان موقف عبد العزيز في مدّة ولايته ضعيفاً، وأصبحت الفرصة سانحة أمام الطّامعين والمنافسين له: "ثمّ اجتمعوا على أيوب بن حبيب الَّلخْمِيّ الذي قُتل عبد العزيز بمشورته"، مما يدلّ بوضوح على أنّ الأمر تمّ في الأندلس بعد أن تشاور الطّامعون والمنافسون له، فشنّوا حرب الإشاعة، وكان موقف عبد العزيز يومئذ بعد نكبة أبيه واهناً، فنجح أعداؤه في قتله وتولّى السّلطة بعده، ولو إلى حين.

ويبدو أنّ حال عبد العزيز مع جنده لم يكن على ما ينبغي، لا لأنّهم كانوا ساخطين عليه، بل لأنّ نفراً منهم كان شديد التّطلع والطموح، وكان هؤلاء النّفر في الظّاهرين في جنده وكبار رجاله.

لقد أصبح عبد العزيز والياً على الأندلس منذ مبارحة أبيه موسى الأندلس في صفر من سنة خمس وتسعين الهجرية (تشرين الأول - تشرين الثاني - أكتوبر - نوفمبر من سنة ٧١٣ م)، وجرى اغتياله في رجب سنة سبع وتسعين


(١) نفح الطيب (١/ ٢٣٤) وابن الأثير (٥/ ٤٨٩).
(٢) نفح الطيب (١/ ٢٨١).
(٣) جذوة المقتبس (٢٧١) وبغية الملتمس (٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>