الأندلس في البرتغال، فنشب القتال بين المسلمين والقوط، ولكن هذا القتال كما يبدو لم يكن عنيفاً لا يُبْقي ولا يَذَر، بل كان كالدواء يتناوله المريض للشفاء، فإذا شفي أو قارب حدود الشفاء، تخلّى عن الدواء. وهكذا كان القتال في غربي الأندلس، قليل الخسائر على الجانبين، فلمّا تمّ الفتح بادر عبد العزيز إلى مواساة المتضرّرين من جرّاء القتال.
فإذا تجاوزنا مفتاح شخصية عبد العزيز القياديّة، إلى سمات قيادته بإيجاز، نجد أنه كان يتحلّى بسمة: إصدار القرار الصحيح السّريع، فقد كان ذكياً حاضر البديهة متعلِّماً، مثابراً على الحصول على المعلومات عن العدو، والأرض التي يقاتل عليها، من شتى مصادر الحصول على المعلومات، ومنها العيون والاستطلاع.
وكان يتحلّى بالشجاعة والإقدام، فكان يقود رجاله من الأمام، ولا يقودهم من الخلف، ويكون أُسوة حسنة لرجاله بشجاعته الشّخصيّة.
وكان ذا إرادة قويّة ثابتة، إذا عزم على أمر نفّذه، وإذا أصدر أمراً أصرّ على تنفيذه، وكان يُقدم على تحقيق أهدافه في الفتح بعزم وإصرار.
وكان من أولئك القادة الذين يتحملون مسئولياتهم كاملة، ولا يتهرّبون منها، أو يلقونها على عواتق الآخرين.
وكان ذا نفسية لا تتبدّل في حالتي النّصر والاندحار، واليُسر والعُسر، فما عرفناه ضَعُفَ أو أبدى ضعفاً، حين أصبح والده موسى مغضوباً عليه من الخليفة، بل ظلّ يزاول أعماله، أقوى ما يكون ثباتاً ونشاطاً، حتى أتاه اليقين.
وكان يتمتّع بمزية: سبق النّظر، فيتوقّع ما سيحدث، ويتصوّر ما سيقع، ويُعدّ لكلّ شيء عدّته حلاًّ لما عسى أن يجابهه من معضلات.
وكان يعرف نفسيّات رجاله وقابلياتهم، فيكلِّف كلّ واحد منهم ما يناسبه من واجبات تناسب نفسيته وقابليته، ولكنّه لم يكن يعرف نيّات مَنْ حوله من كبار رجاله، فتآمروا على اغتياله دون أن يكتشف نياتهم قبل وقت مناسب من