التنفيذ، لأنّه لم يؤذِ أحداً منهم، ولم يَظلم أحداً، فما كان يتوقع أن يؤذيه أحد أو يظلمه، وكان عليه أن يحتاط لنفسه، فالوقاية خير من العلاج.
وكان يثق برجاله ويثقون به، والتآمر على اغتياله ليس دليلاً على عدم ثقة رجاله به، وهؤلاء الذين تآمروا عليه يُعدّون على الأصابع، وهم لا يمثِّلون سائر رجاله، الذين كانوا يبادلونه ثقةً بثقة، ويرونه قائداً يستحق الثقة الكاملة به.
وكان يحب رجاله، ويبادلونه حبّاً بحب، وآية حبّه لهم أنّه حرص على أرواحهم في ميادين القتال، فلم يقاتل إلاّ بعد أن أعيته وسائله كافة في تحقيق أهدافه بدون قتال. كما أنّه لم يفرّط برجل من رجاله بأي شكل من الأشكال وبأي أسلوب من الأساليب، وأبقاهم حوله بتماس شديد معه، حتى رحل إلى جوار الله.
وكان ذا شخصية قويّة نافذة مؤثِّرة فيمن حوله من رجاله ومن الإسبان الذين فتح بلادهم، ولولا تلك الشخصية المتميِّزة، لما استطاع السّيطرة على الأندلس، بعد أن تسامع النّاس، بأنّ أباه أصبح في عِداد المغضوب عليهم من الخليفة، وأنّ مركز عبد العزيز والياً وقائداً أصبح مهدداً بالعزل اليوم أو غداً.
وكان يتمتّع بقابلية بدنيّة متميّزة، فقد كان في ريعان الشباب، واستطاع مشاركة رجاله في ميادين القتال صيفاً وشتاءً، وتعباً وعناءً، وتنقّلاً وثواءً.
وكان ذا ماضٍ ناصع مجيد، فهو ابن فاتح الأندلس، موسى بن نُصَير، وهو قد أضاف إلى أمجاد أبيه مجداً جديداً في الفتح وفي ميادين القتال.
وكان يطبِّق مبادئ الحرب كافةً بصورة فطريّة، فهذه المبادئ ثابتة أبداً، ولكنّ الأساليب القتاليّة هي التي تتغيّر باستمرار.
فقد كان عبد العزيز يطبّق مبدأ: اختيار المقصد وإدامته، فكان يختار مقصده بالضبط، ويفكّر في أقوم طريقة للوصول إليه، ثم يضع الخطّة المناسبة للحصول عليه.
وكان قائداً تعرضياً، لم يتّخذ الدفاع مسلكاً له في تحقيق أهدافه