للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اثنتين ومائة الهجرية، وكان حرسه البربر، فوسم كل امرئ منهم على يده: (حَرَسِيّ) (١) فأنكروا ذلك وملّوا سيرته، فدبّ بعضهم إلى بعض وتضافروا على قتله، فخرج ذات عشية لصلاة المغرب، فقتلوه في مصلاه، فولَّى يزيد بن بِشْر بن صفوان (٢) الكلبي، فضرب عنق عبد الله بن موسى بن نصير بيزيد، وذلك أنه اتُّهم بقتله وتأليب الناس عليه" (٣)، ومعنى ذلك، أن محمد بن يزيد لم يقتل عبد الله، بل قتله يزيد بن بشر بن صفوان الكلبي، الذي تولى إفريقية والمغرب ليزيد بن عبد الملك، سنة ثلاث ومائة الهجرية (٤) (٧٢١ م).

ومن الواضح، أن رواية البلاذري هذه تُرجّح على الرواية الأولى، لأن من الصعب تصديق أن سليمان بن عبد الملك، هو الذي أمر بسجن عبد الله وتعذيبه وقتله، ويكفي أنه أمّرَه على المغرب وإفريقية بعد أبيه موسى بن نصير، ولم يعزله إلاّ في سنة سبع وتسعين الهجرية (٥)، وإلاّ لما أبقاه في منصبه نحو سنتين، ولَعَزَله فوراً. ولأن من الصعب تصديق أن محمد بن يزيد، يمكن أن يُقدم على قتل عبد الله أو غيره ظلماً، وهو مَن هو في حسن سيرته وعدله (٦)، ويكفي أنه مرشح رجاء بن حّيْوَة وهو من هو في استقامته وحرصه على مصلحة المسلمين العليا.

أما يزيد بن أبي مسلم الذي قَدِمَ على إفريقية سنة اثنتين ومائة الهجرية والياً عليها ليزيد بن عبد الملك، فقد كان مولى الحجاج بن يوسف الثقفي وصاحب شرطته، وكان ظلوماً غشوماً، وكان البربر يحرسونه، فقام على المنبر خطيباً فقال: "إني رأيت أن أرسم اسم: حَرَسِي، على أيديهم، كما تصنع ملوك الرّوم


(١) حرسيّ: مفرد حرّاس، وهم أعوان الملك.
(٢) أنظر مجمل سيرته في البيان المغرب (١/ ٤٩).
(٣) البلاذري (٣٢٣ - ٣٢٤).
(٤) البيان المغرب (١/ ٤٩).
(٥) تاريخ خليفة بن خياط (١/ ٣٢٤).
(٦) البيان المغرب (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>