ويثق بقيادته العليا وتثق به ويحبّها وتحبّه، يتمتّع بشخصية قوية نافذة لا تضعف ولا تستكين، ولكنها لا تظلم ولا تجور، له قابلية بدنية متميزة لأنه كان في ريعان الشباب وفي أوج عطائه، وله ماضٍ ناصع مجيد، فهو ابن موسى بن نصير فاتح شطر المغرب وشطر الأندلس، وهو أيضاً من القادة الفاتحين والولاة اللاّمعين.
وكان يطبق مبادئ القتال كافة بصورة تلقائية، فكان يختار مقصده ويديمه حتى يحقَّقه دون أن ينساه لحظة واحدة أو يتناساه، وكان قائداً تعرّضياً، لم يتّخذ الدفاع أسلوباً قتالياً له أبداً، وكان يباغت أعداءه في عملياته، كما باغتهم في صقلية وسردانية بالهجوم عليهم في وقت لا يتوقّعونه، كما باغت البربر الخارجين على الفاتحين بالهجوم الصاعق عليهم في وقت لا يتوقعونه أيضاً. وكان يحشد قوته ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويستخدمها في المكان والزمان الجازمين. ولكنه كان يقتصد بالمجهود، فلا يفرِّط برجاله دون مسوِّغ، ولا يغرِّر بهم، ويحرص على أرواحهم حرصه على روحه. وكان يطبّق مبدأ الأمن، فلا نعرف أن العدو استطاع مباغتة قواته في يوم من الأيام، وهذا دليل على أنه كان يؤمّن لقواته الحماية اللاّزمة، ويجمع المعلومات عن العدو بالتفصيل، ويعمل وهو مفتوح العينين. وكانت خططه مرنة، من ناحية سرعة تنقّل قواته برّاً وبحراً. ومن ناحية إمكان تبديلها أو تحويرها أو تطويرها في الوقت المناسب. وكان يتعاون مع قيادته تعاوناً وثيقاً، ويؤمّن التعاون بين صنوف قواته عامة وبين رجاله خاصة. وكان يديم معنويات رجاله، بالعقيدة الراسخة، والقيادة القادرة المتّزنة، والنصر المبين. وكانت أموره الإدارية جيدة، ولا نعلم أن رجاله شكوا من نقص أمر من أموره الإدارية كافة. كما كان مسئولاً عن إدامة قوات الفتح بالأندلس بالرجال والمواد الإدارية والسفن والمراكب، لأنه المسئول الإداري في قاعدة المسلمين الرئيسة: إفريقية والمغرب.
وكان يطبق مبدأ: المساواة، بينه وبين رجاله، فيعيش بينهم كفرد منهم، لا