للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضفافهما خضراء يانعة تغص بالحدائق الغناء، أما اليوم فقد جف مجرى شَنيل، وقلما يجري فيه الماء إلاّ القليل أيام الشتاء. وأما فرعه حدره فيخترق المدينة من الشرق عند سفح التل التي تقع عليه (الحمراء)، ويتصل بشنيل عند القنطرة الأندلسية القديمة. وهو يكاد يختفي اليوم، ولم يبق من مجراه سوى الجزء الصغير لتل الحمراء. أما جزؤه الذي كان يخترق وسط المدينة، فقد غُطِي اليوم بشارعها الرئيس الأوسط المسمى: (شارع الملكين الكاثوليكيين)، وامتداده في الميدان الكبير حتى قنطرة شنيل.

وتشرف غرناطة من الجنوب الغربي، على بسيط أخضر وافر الخصب، هو المرج أو الفحص الشهير: ( La Vega) (١) الذي يمتد غرباً حتى مدينة لَوْشة، ومن الجنوب الشرقي على جبال سييرا نفادا (جبل شُلير أو جبل الثلج) التي تغطي الثلوج آكامها الناصعة. ويطلق الجغرافيون الأندلسيون اسم: شلير أو جبل الثلج على جبال سييرا نفادا، فأما شلير فهو محرّف عن اللاتينية ( Solarius) ومعناها جبل الشمس، وذلك لأن الشمس تسلِّط أشعتها الساطعة على تلك الجبال، فينعكس ضوؤها على الثلوج الناصعة التي تغطيها. وأما تسميتها بجبل الثلج، فهي ترجمة عربية مطابقة لاسمها القشتالي: ( Sierra Nevada) .

وكانت غرناطة أيام الدولة الإسلامية، جنّة من جنّات الدنيا، تغص بالغياض والبساتين اليانعة، التي كانت لوفرة خصبها وروعة نضرتها تُعرف بالجنّات، فيقال للمزرعة أو البستان: (جنّة كذا) أو (جنّة فلان)، مثل جنة الجرف وجنّة العرض وجنة الحفرة، ومدرج منجد، ومدرج السبيكة، وجنة ابن عمران، وجنة العريف، وغيرها. وقد ذكر ابن الخطيب، أن هذه الجنات الغرناطية الشهيرة كانت تبلغ في عصره زهاء المائة. كما ذكر لنا، أن منطقة غرناطة كانت تضم زهاء ثلاثمائة قرية عامرة، منها ما كان يبلغ سكانه


(١) وهي كلمة إسبانية معناها: المرج، ويبدو أنها مشتقة من كلمة: (فحص) العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>