للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دور الانحلال، في ظل نفرٍ من الأمراء الضعاف، ثم تختتم حياتها بعد ذلك بنحو أربعين عاماً في سنة (٦٦٨ هـ) لتقوم على أنقاضها دولة بني مرين.

واستمر ابن هود حيناً يخوض معارك متعاقبة مع الموحدين والنصارى، ونشبت بينه وبين فرديناند الثالث (١) ملك قشتالة، في ظاهر ماردة معركة انتهت بسقوط ماردة وبطليوس في يد النصارى سنة (٦٢٨ هـ - ١٢٣٠ م) (٢).

وانتهز فرديناند الثالث ملك قشتالة تلك الفرصة التي اضطرمت فيها المملكة الإسلامية في الأندلس كلها بنار الحرب الأهلية، فسيّر قواته لمقاتلة ابن هود، وكان يبدو في نظره يومئذ زعيم الأندلس الحقيقي. وكان ابن هود في ذلك الوقت، قد استطاع أن يبسط سلطانه على الولايات والشواطئ الجنوبية، فيما بين الجزيرة الخضراء والمريّة، وفيما بين قرطبة وغرناطة، وكان يرى في مقاتلة النصارى عاملاً لتدعيم دعوته وسلطانه، فسار للقائهم، والتقى الجيشان في فحص شريش على ضفاف وادي لكّة، ولكن ابن هود هزم بالرغم من تفوقه في العدد، وكان ذلك في (أواخر ٦٣٠ هـ - ١٢٣٣ م)، وسار فرديناند بعد ذلك لاجتياح أبده، فسقطت في يده بعد حصار قصير (٦٣١ هـ - ١٢٣٤ م).

على أنّ سقوط قرطبة، كان أعظم ضربة نزلت يومئذ بالأندلس. كان ابن هود عقب هزيمته قد جمع قواته وسار لقتال خصمه ومنافسه الجديد محمد بن الأحمر في أحواز غرناطة. وألفى النصارى من جانبهم الفرصة سانحة للزحف على قرطبة التي كان فيها الأمر فوضى ليس فيها مَن يجمع الكلمة ويتزعم الدفاع عنها. وفاجأ القشتاليون بعض أبراج المدينة في البداية، ولكنهم رأوا أن الاستيلاء عليها ليس بالأمر السّهل، ولابد لتحقيقه من قوات جسيمة. وعلم فرديناند الثالث وهو في طريقه إلى ليون بما تم من استيلاء قواته على بعض أبراج المدينة، وبما تبين من ضعف وسائل الدفاع عنها، فارتد إليها


(١) وهي في الإسبانية فرناندو ( Fernando) .
(٢) نهاية الأندلس (٢٦ - ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>