للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الجزائر الشرقية (جزائر البليار) في سنة (٦٢٧ هـ - ١٢٣٠ م)، وكانت بلنسية قد بقيت بيد الموحّدين، وتولى إمارتها السيد أبو عبد الله محمد أخو المأمون، وتلقب بالعادل كما ذكرنا، وكان منذ رأى خطر ابن هود على إمارته قد استغاث بملك أراغون وانضوى تحت لوائه، وتعهد له بأداء الجزية. عند ذاك ثار أهل بلنسية واختاروا لهم أميراً آخر هو أبو جميل زيان سليل آل مردنيش أمراء بلنسية السابقين، ففرّ أبو عبد الله أمام السّخط العام، والتجأ إلى ملك أراغون واعتنق النصرانية. ثم غزا خايمي بلنسية وحاصرها، ودافع أهلها عن مدينتهم ببسالة، واستغاث أميرها أبو جميل زيان بأمير تونس الحفصي فلم يغنم ذلك شيئاً. وسقطت بلنسية بيد النصارى في صفر سنة (٦٣٦ هـ - ١٢٣٨ م) (١)، وأتبع خايمي الاستيلاء على بلنسية بالاستيلاء على شاطبة ودانية في سنة (٦٣٨ هـ - ١٢٤١ م). أما ولاية مرسية، فقد استولى عليها في البداية الأمير أبو جميل زيان عقب فقده لبلنسية، ولكن الزعماء المحليين آثروا الانضواء تحت حماية ملك قشتالة، فتقدموا إليه يلتمسون مهادنته ومحالفته على الوضع المأثور، وهو أن يسمح لهم باستبقاء المدن في طاعته وتحت حمايته، فأجابهم فرديناند إلى ملتمسهم، وبعث إليهم ولده ألفونسو. ودخل النصارى مرسية صلحاً سنة (٦٤١ هـ - ١٢٤٣ م)، وبذلك سقطت ولاية بلنسية ومرسية وشرقي الأندلس كله بيد النصارى في أعوام قلائل فقط، وكانت نفس المأساة تتكرر في ذلك الوقت نفسه، بصورها وأوضاعها المحزنة في غربي الأندلس (٢).

وفي تلك الآونة، كانت عناصر الفتنة والفوضى تتمخض عن قيام مملكة إسلامية جديدة في جنوبي الأندلس هي مملكة غرناطة. وقيام هذه المملكة في الطرف الجنوبي للدولة الإسلامية القديمة، يرجع إلى عوامل جغرافية وتاريخية واضحة، ذلك أن القواعد والثغور الجنوبية التي تقع فيما وراء نهر


(١) ابن خلدون (٤/ ١٦٧).
(٢) نهاية الأندلس (٢٩ - ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>