للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له الماء، وسكنه بأهله وولده. وأما تسميته بابن الأحمر، فقد اختلفت في شأنها الرواية، ويقال: إن هذه التسمية ترجع إلى نضارة وجهه واحمرار شعره، ويرى بعضهم أنها أسبغت عليه لإنشائه حصن الحمراء، ولكن سوف نرى عن تاريخ الحمراء، أن هذا الاسم أقدم من الدولة النصريّة ببضعة قرون، وأنه لا صلة بين هذا الاسم الذي أطلق على الحصن والقصور الملكية التي أنشأها محمد بن يوسف وبنوه من بعده، وبين تلقيبهم ببني الأحمر. كما أنه ليس ثمة بين القبائل العربية أية قبيلة تحمل هذا اللقب، ويمكن أن ينسب إليها بيت غرناطة الملكي (١). وكان ابن الأحمر يباشر الأمور بنفسه، ويدقق في جمع الأموال والجبايات، حتى امتلأت خزائنه بالمال والسلاح. وكان يعقد للناس مجالس عامة يومين في الأسبوع، يستمع فيها إلى الظلامات وذوي الحاجات، ويستقبل الوفود، وينشده الشعراء. وكان يجري في تصريف شئون الملك على قاعدة الشورى، فيعقد مجالس يحضرها الأعيان والقضاة ومَن إليهم من ذوي الرأي، للاسترشاد برأيهم ونصحهم (٢)، وكان في مقدمة وزرائه أبو مروان عبد الملك بن يوسف بن صناديد زعيم جيان، وهو الذي مكنه من التغلب عليها. وتوفي محمد بن الأحمر في التاسع والعشرين من جمادى الثانية سنة (٦٧١ هـ - كانون الأول - ديسمبر - ١٢٧٢ م) على أثر سقطه من جواده، حين عودته من معركة ردّ فيها جمعاً من الخوارج الذين حاولوا الزحف على الحمراء، فحمل جريحاً إلى القصر، وتوفي بعد ذلك بأسبوعين، وقد قارب الثمانين من عمره، ودفن بالمقبرة العتيقة بأرض


(١) أنظر مقدمة الأطلس الحمراء ( Alhambra) الذي وضعه ( Owen Jones and Goury) ، وكتبها المستشرق جاينجوس ( London ١٨٤٢) ص (٥) الهامش، وتسمى الدولة النصرية على الأغلب بدولة بني الأحمر، ويؤثر ابن خلدون تسميتها بذلك الاسم، أنظر ابن خلدون (٤/ ١٧٠ وما بعدها).
(٢) ابن خلدون (٧/ ١٩٠) واللمحة البدرية (٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>