لها. وقامت أيضاً في البرتغال عدة فروع لفرسان المعبد (الداوية) وفرسان القديس يوحنا (الأسبتارية). وظهرت هذه الجمعيات الدينية المحاربة ولا سيما فرسان القنطرة وفرسان قلعة رباح في كثير من المعارك التي نشبت في تلك العصور بين المسلمين والنصارى، وكان تدخلهم في كثير من الأحيان من عوامل النصر والإنقاذ للجيوش النصرانية. بيد أنهم بالرغم من صفتهم الدينية والصليبية، كانت تحدوهم بواعث وأطماع دنيوية، وكان ظمأ الكسب واجتناء المغانم روحهم المسيِّرة، وكانوا يسيطرون على قلاع كثيرة وأراضٍ واسعة، ويعيشون في بذخ وترف، بما يحصلون عليه من الإقطاعات والهبات والنذور الوفيرة، وكان تدخلهم في شئون السياسة والعرش يشتدّ أحياناً ويفضي إلى أحداث وتطورات خطيرة.
كانت إسبانيا النصرانية حين بدأت حرب الإسترداد الحقيقية في أواسط القرن الثالث عشر الميلادي، عقب سقوط القواعد الأندلسية الكبيرة، تجيش إلى جانب نزعتها القومية بهذه النزعة الصليبية الواضحة، على أنه يمكن القول إن ظهور هذه النزعة الدينية العميقة في حروب إسبانيا النصرانية على المسلمين، لم يكن ملحوظاً بصورة واضحة حينما كان التفوق في القوة للأندلس المسلمة أيام الدولة الأموية، وحينما كان ثمة نوع من التوازن في القوى السياسية والعسكرية بين الأندلس المسلمة وإسبانيا النصرانية أيام المرابطين والموحِّدين. وتدل حوادث التاريخ الأندلسي حتى أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، على أن التعصّب القومي والديني لم يكن دائماً ظاهرة بارزة بين النصارى والمسلمين، فقد كان الفريقان المتحاربان يحترم بعضهم بعضاً، وكان التعصّب الديني قاصراً على جماعات القساوسة والأحبار، لأن المسلمين كانوا متسامحين للغاية مع المسيحيين، حتى وُصِف المسلمون بالأناشيد الإسبانية القديمة بأنهم خصوم شرفاء، ولا يجيش النصارى نحوهم ببغض، لأنهم وجدوهم أفضل معاملة من القوط وأعدل حكماً وأكثر تسامحاً وأقل ضرائب مفروضة على النصارى. يقول دوزي: (إن الفارس الإسباني في