كان أعظم مشاريعه أن ينتزع طليطلة من يد القادر بن ذي النون ولد المحسن إليه. وفي سنة ٩٩٠ م قدّم برمودو (برمند) الثاني أخته زوجة لحاكم طليطلة المسلم. ولم يكن زواج الأمراء المسلمين من الأميرات والعقائل النصارى أمراً نادراً، وربما كان تاريخ بلنسية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي أسطع مثل لهذا الامتزاج والتفاهم بين الفريقين المتحاربين. ولم يحجم أمراء المرابطين في الأندلس حينما انهارت دولتهم في إفريقية وبدأ الموحِّدون في انتزاع الأندلس من أيديهم، عن الاستعانة بالفونسو ريموند ملك قشتالة وحليفه غرسية ملك نافار على محاربة الموحِّدين. ولم ينقطع هذا التعاون بين المسلمين والنصارى، حتى بعد أن بدأت مرحلة الاسترداد الأخيرة، فقد كان محمد بن الأحمر في بداية أمره ينضوي كما ذكرنا تحت حماية ملك قشتالة. ونجد من الجانب الآخر أمراء النصارى يلوذون من وقت إلى آخر بحماية المسلمين، حتى في ذلك الوقت الذي تضاءلت فيه المملكة الإسلامية. فنرى الإنفانت فيليب حينما ثار على أخيه الفونسو العاشر، يلتجئ مع جماعة من النبلاء إلى حماية أبي يوسف المنصور ملك المغرب، ويستقر ضيفاً على بلاط غرناطة، حتى انتهى ملك قشتالة إلى مصالحتهم واسترضائهم (١٢١٨ م)، وفي سنة (١٢٨٢ م) اضطر الفونسو العاشر نفسه حينما ثار عليه ولده سانشو، وانتزع منه العرش، إلى الاستعانة بالسلطان أبي يوسف، وأرسل إليه تاجه مقابل ما ينفقه على معاونته، فاستجاب إليه وأمده بالمال والجند، وفي سنة (١٣٣٢ م) ثار حاكم الفرنتيرة النصراني ضدّ مليكه الفونسو الحادي عشر، وتحالف مع غرناطة وعاون بذلك في ردّ النصارى عن جبل طارق، وكانوا على وشك الاستيلاء عليه. ولما نشبت الثورة ضد ولده بَدرو القاسي (دون بطره) ونزع عن عرشه، ونشبت بينه وبين خصومه موقعة مونتيل الفاصلة سنة (١٣٦٧ م)، كان إلى جانبه فرقة من الفرسان المسلمين، أمدّه بها حليفه الغني بالله ملك غرناطة، وهكذا كان التعاون السياسي