للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب بين بني مرين وبين الأمير يغمراسن بن زيان ملك المغرب الأوسط، فهُزم يغمراسن وارتدّ إلى تلمسان. وفي العام التالي (٦٥٨ هـ) هاجم النصارى الإسبان في سفنهم سلا فجأة، وقتلوا وسبَوْا كثيراً من أهله، فبادر أبو يوسف بإنجاده، وحاصر النصارى بضعة أسابيع حتى جلوا عنه. ثم كانت الموقعة الحاسمة بين الموحِّدين وبني مرين، ففي سنة (٦٦٧ هـ - ١٢٦٩ م) سار الواثق بالله المعروف بأبي دبّوس ملك الموحّدين من مراكش لقتال بني مرين، والتقى الجمعان في وادي (عفّو) بين فاس ومراكش، فهزم الموحِّدون بعد معركة شديدة، وقتل منهم عدد كبير، واستولى أبو يوسف على معسكرهم ومؤنهم وخزائنهم. ثم سار إلى مراكش، فدخلها في المحرّم سنة (٦٦٨ هـ) وتسمَّى بأمير المسلمين، وبذلك انتهت دولة الموحِّدين في المغرب كما انتهت في الأندلس أيضاً، بعد أن عاشت زهاء قرن وثلث القرن، وقامت مكانها دولة بني مرين، تسيطر على أنحاء المغرب الأقصى كلّه، وتستقبل عهداً جديداً (١).

إلى تلك الدولة الجديدة الفتية، كانت تتّجه أنظار الأندلس، كلّما لاح لها شبح الخطر الداهم، فلعبت هذه الدولة في حوادث الأندلس الداخلية والخارجية أعظم دور. ولم تفت مؤسّس مملكة غرناطة أهمية التّحالف مع بني مرين والاستنصار بهم، فبعث قبل وفاته بقليل - كما ذكرنا - إلى السلطان أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق الملقّب بالمنصور يطلب إليه غوث الأندلس وإنجادها، وكان السلطان أبو يوسف حينما وصله صريخ ابن الأحمر في سنة (٦٧٠ هـ) يسير إلى غزو تِلِمْسان، فلما وقف من الرُّسُل على حال الأندلس وما يهدِّدها من الأخطار، جمع أشياخ القبائل، واتّفق الجميع على وجوب إنجاد الأندلس والجهاد في سبيل الله. وأرسل السلطان إلى الأمير يغمراسن، صاحب تلمسان يعرض عليه عقد الصلح لكي يتمكّن من العبور إلى


(١) أنظر أصل بني مرين ونشأتهم في: الذخيرة السنية (١٠ و ١٦ و ٩٤ و ٩٩ و ١٢٣ و ١٢٤) والاستقصا (٢/ ١٣ - ١٤) وابن خلدون (٧/ ١٦٦ - ١٨٠)، وانظر نهاية الأندلس (٨٦ - ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>