للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلس، فأبى. واقتتل الفريقان على مقربة من وَجْدة في شهر رجب سنة (٦٧٠ هـ - ١٢٧٢ م) فهزم يغمراسن وفرّ جريحاً (١). وعاد أبو يوسف إلى المغرب مظفّراً، وهو يعتزم استجابة دعوة الأندلس وإنجادها.

على أنه مضى أكثر من عامين قبل أن تسنح له الفرصة المرجوّة، فلما تولّى محمد الفقيه الملك، أرسل عقب ولايته بقليل وفداً من أكابر الأندلس إلى ملك المغرب ورسالة استغاثة، فشرحوا له حال الأندلس من الضعف ونقص الهبة وتكالب العدو القوي عليها، واستصرخوه للغوث والجهاد (٢). وتتابعت رسل ابن الأحمر وبني اشقيلولة إلى السلطان أبي يوسف ينوِّهون بالخطر الداهم الذي يهدّد الأندلس، ويلتمسون إليه المبادرة بالإسعاف والإمداد، فاستجاب السلطان أخيراً لدعوتهم، وكتب إلى ابن الأحمر يطمئنه، ويعرب له عن عزمه على الجواز إلى الأندلس في فاتحة سنة أربع وسبعين وستمائة الهجرية (٣). وخرج السلطان من فاس في رمضان سنة (٦٧٣ هـ) للجهاد في ميدان الأندلس، وأرسل للمرة الثانية إلى الأمير يغمراسن صاحب تلمسان، يعرض عليه الصلح توحيداً للكلمة وتعضيداً للجهاد، فقبل يغمراسن وتمّ الصلح. وبادر السلطان، فجهّز ولده أبا زيان (٤) في خمسة آلاف مقاتل، فعبر البحر من قصر المجاز (قصر مصمودة) إلى الأندلس، ونزل ثغر طريف في شهر ذي الحجة سنة (٦٧٣ هـ - ١٢٧٥ م) ونفذ إلى أرض النصارى حتى شَريش، وعاث فيها، وعاد مثقلاً بالسبي والغنائم. وقدّم إليه ابن هشام وزير ابن الأحمر ثغر الجزيرة، فنزل فيه، وجاز ابن هشام العدوة، فلقي السلطان أبا يوسف في معسكره على مقربة من طنجة، وكان السلطان قد أكمل أهبته،


(١) الذخيرة السنية (١٤٨) والاستقصا (٢/ ١٦).
(٢) أنظر نص رسالة ابن الأحمر إلى أبي يوسف في الذخيرة السنية (١٥٩ - ١٦١).
(٣) أنظر نص رسالة أبي يوسف إلى ابن الأحمر في الذخيرة السنية (١٦٢ - ١٦٣).
(٤) الذخيرة السنية (١٦٤) ولكن ابن خلدون يقول: إنّ السلطان بعث الجند مع ولده
منديل (٧/ ١١٩)، ومنديل حفيد أبي يوسف لا ولده.

<<  <  ج: ص:  >  >>