للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سانشو وأعرض عن ابن الأحمر، مع أن ابن الأحمر نزل لسانشو مقابل طريف عن عدد من الحصون المهمّة، فأدرك ملك غرناطة عندئذٍ خطأه في الركون إلى وعود ملك قشتالة، وفي مغاضبة ملك المغرب حليفه الطبيعي، وسنده المخلص في ردّ عدوان النصارى.

وعاد ابن الأحمر يخطب ودّ بني مرين مرة أخرى، وأوفد ابن عمّه الرئيس أبا سعيد فرج بن إسماعيل ووزيره أبا عزيز الداني على رأس وفدٍ من كبراء الأندلس، إلى السلطان أبي يعقوب في طلب المودّة، وتجديد العهد، والاعتذار عن مسلكه في شأن طريف، فأكرم السّلطان وفادتهم، وأجابهم إلى طلب الصلح. ولما عاد الوفد إلى غرناطة سُرّ ابن الأحمر من كرم السلطان ونبل مسلكه، واعتزم الرحلة للقائه بنفسه، وتأكيد المودّة والاعتذار، فعبر البحر إلى العُدوة في أواخر سنة (٦٩٢ هـ - ١٢٩٢ م) ومعه طائفة من الهدايا الفخمة، ونزل بطنجة حيث استقبله بعض أبناء السلطان، ثم جاء السلطان بنفسه إلى طنجة، وتلقاه بمنتهى الإكرام والحفاوة، ونزل له ابن الأحمر عن الجزيرة ورندة وأراضي الغربية، وعدّة حصون كانت من قبل في طاعة ملك المغرب. وعاد ابن الأحمر مغتبطاً بنجاح مهمّته، وأرسل السلطان معه حملة لغزو طريف بقيادة وزيره عمر بن السّعود، فحاصرتها حيناً ولكنها لم تظفر بافتتاحها (١).

وكان لمحمد الفقيه، بالرغم من سمته العلمية، وقائع طيبة في ميدان الجهاد ضد النصارى، ففي المحرم من سنة (٦٩٥ هـ - أواخر ١٢٩٥ م) على أثر وفاة سانشو ملك قشتالة، زحف بجيشه على أرض قشتالة، وغزا منطقة جيَّان، ونازل مدينة قيجاطة (٢)، واستولى عليها، وعلى عدّة من الحصون التابعة لها، وأسكن بها المسلمين، وفي صيف سنة (٦٩٩ هـ - ١٢٩٩ م) غزا


(١) ابن خلدون (٧/ ٢١٧).
(٢) مدينة قيجاطة: هي بالإسبانية ( Quesada) ، وتقع شمال شرقي مدينة جيَّان، وجنوب شرقي مدينة أبدة. والقبذاق هي بالإسبانية ( Alcoudete) .

<<  <  ج: ص:  >  >>