بما كانت تجنح إليه من مداخلة الخوارج عليهم. وهكذا كانت قوى الإسلام تُبدد في معارك أهلية، وقد كان حرياً بها أن تتضافر على مغالبة العدو المشترك. على أن الدولة المرينية ذاتها تدخل منذ وفاة أبي الحسن في سنة (٧٥٢ هـ - ١٣٥١ م) في دور انحلالها، وتنحدر إلى غمرات الحرب الأهلية، وتشغل بشئونها الداخلية، وتفقد غرناطة بذلك، العضد الوحيد، الذي كانت تدّخره وقت الشدائد. وقد استمرت العلائق بين غرناطة وبني مرين عصراً آخر، ولكنها غدت علائق بلاط، تغلب عليها دسائس القصور، وانقطعت الجيوش المغربية عن العبور إلى الأندلس لمقاتلة النصارى، كما كانت تفعل أيام أبي يوسف وأبي يعقوب وأبي الحسن، ولم تعبر بعد ذلك سوى مرة واحدة لمعاونة الخوارج في جبل طارق ضد ملك غرناطة، وتركت غرناطة من ذلك الحين إلى مصيرها داخل الجزيرة الإسبانية، تغالب قوى النصرانية بمفردها، وقدر استطاعتها، وكان ملاذها الأخير في اختلاف كلمة النصارى، وانشغالهم بذلك الخلاف عن محاربتها (١).