للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليفة الله ساعدَ القدرُ ... عُلاك ما لاح في الدّجى قمر

ودافعت عنك كفُّ قدرته ... ما ليس يستطيع دفْعه البشرُ

فتأثر السلطان لقصيدته، ووعد بإجابة سائر مطالبه، وهكذا أدّى ابن الخطيب سفارته بنجاح، وكان له من بعد ذلك في حوادث الأندلس أعظم نصيب (١).

وفي أواخر سنة (٧٥٦ هـ - أواخر سنة ١٣٥٥ م)، حاول حاكم جبل طارق المريني عيسى بن الحسن بن أبي منديل أن يثير ضرام الثورة، وكانت محاولة خطيرة، ربما أفسحت للنصارى ثغرة يضربون منها الأندلس وجحافل المغرب، ولكن أهل جبل طارق نكلوا عن مؤازرة الثائر، وأخمدت في المهد، وقُبض عليه وعلى ولده، وأُرسِلا مصفدين إلى المغرب، فقضى بإعدامهما، وأرسل السلطان أبو عنان إلى جبل طارق ولده أبا بكر السّعيد، ومعه من الفرسان قوّة، لحماية الثغر وتجديد تحصيناته (٢).

وفي أوائل عهد السلطان محمد، شغلت قشتالة بحروبها الداخلية، فأمنت غرناطة شرّ العدوان مدى حين، ولكن الحوادث الداخلية كانت تؤذن بتطورات جديدة. ففي رمضان سنة (٧٦٠ هـ - ١٣٥٩ م) نشبت في غرناطة ثورة فقد فيها الغني بالله ملكه، وكان أخوه إسماعيل المعتقل في بعض أبراج الحمراء تؤازره جماعة من الزعماء، وفي مقدمتهم صهره الرئيس عبد الله، وتدعو له سراً، وتترقب الفرص للوثوب بمحمد، وكانت أمه المقيمة بالقصر تؤيد مشاريعه بالسعي والبذل الوفير، وكان السلطان محمد قد تحول بولده إلى سكنى قصر جنّة العريف الواقع شمال شرقي الحمراء، فانتهز المتآمرون ذات مساء فرصة ابتعاده عن دار الملك، وهاجموا حصن الحمراء (٢٨ رمضان سنة ٧٦٠ هـ) ونفذوا إلى قصر الحاجب رضوان وقتلوه بين أهله


(١) الإحاطة (المقدمة ص: ٣٧) ونفح الطيب (٣/ ٥٢) وابن خلدون (٧/ ٣٧٣)، وفيها كامل القصيدة.
(٢) رحلة ابن بطوطة (٢/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>