المغرب، والحول دون قدوم الإمدادات إليها من وراء البحر.
على أن خطر الفورات الإسلامية القوية فيما وراء البحر، كان قد خبا منذ بعيد، وأخذت دولة بني مرين القوية، تجوز مرحلة الانحلال والسقوط، وكان آخر ملوكهم السلطان عبد الحق، قد خلف أباه السلطان أبا سعيد المريني في سنة (٨٢٣ هـ - ١٤١٥ م)، وفي عصره ساد الاضطراب والتفكك في أنحاء المملكة، واستبدّ وزيره يحيى بن يحيى الوطاسي بالدولة. وكان بنو وطاس ينتمون إلى بطن من بطون بني مرين، وينافسونهم في طلب الرياسة والملك، فلما اشتدت وطأتهم على السلطان عبد الحق، بطش بمعظم رؤسائهم، وفي مقدمتهم وزيره يحيى، ونجا قسم منهم وتفرقوا في مختلف الأحياء. وأسلم عبد الحق زمام دولته إلى يهود، فبغوا وعاثوا بالدولة، فغضب الشعب على مليكه، واضطرمت الثورة، وعزل عبد الحق وقتل (٨٦٩ هـ - ١٤٦٤ م)، وانتهت بمصرعه دولة بني مرين، بعد أن عاشت زهاء مائتي عام، واستولى على تراث بني مرين وملكهم، بنو وطاس خصومهم القدماء، واستطاع زعيمهم محمد الشيخ أن يستولي على فاس في سنة (٨٧٦ هـ - ١٤٧١ م)(١). وبذا قامت بالمغرب دولة فتية جديدة، بيد أنها لم تكن من القوة والمنعة بحيث تستطيع الإقدام على عبور البحر إلى الأندلس، في سبيل الجهاد والنجدة. أسوة بما كانت تعمله دولة بني مرين القوية الشامخة.
وهكذا كانت الأمة الأندلسية تشعر بأنها أضحت وحيدة في مواجهة عدوّها القوي، دون حليف ولا ناصر. ولم ير سلطان غرناطة بعد أن أضناه النضال، بدّاً من قبول ما فرضه عليه ملك قشتالة من الاعتراف بسلطانه، وتأدية الجزية اغتناماً للمهادنة والسلم. وكانت مملكة غرناطة، تجوز في هذه الآونة العصيبة ذاتها مرحلة من الاضطراب الداخلي، وكان من أهم أسباب هذا