للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتفاؤل التي سرت في بداية هذا العهد إلى غرناطة، تذكي بقية الأمل في إنقاذ هذا الملك التالد. وكانت عائشة ترى من الطبيعي أن يؤول الملك إلى ولدها، ولكن حدث بعد ذلك ما يهدد هذا الأمل المشروع. وذلك أن الأمير أبا الحسن ركن في أواخر أيامه إلى حياة الدّعة، واسترسل في أهوائه وملاذه، واقترن للمرة الثانية بفتاة نصرانية رائعة الحسن، تعرفها الرواية الإسلامية باسم: "ثريا" الرومية. وتقول الرواية الإسبانية، إن ثريا هذه، واسمها النصراني: إيزابيلا، وتعرفها الرواية أيضاً باسم: "زريدة"، كانت ابنة قائد من عظماء إسبانيا، وهو القائد: "سانشو خمنيس دي سوليس"، وإنها أُخذت أسيرة في بعض المعارك، وهي صبية فتية، وأُلحقت وصيفة بقصر الحمراء فاعتنقت الإسلام وتسمت باسم: "ثريا" أو "كوكب الصباح"، فهام بها الأمير أبو الحسن، ولم يلبث أن تزوجها واصطفاها على زوجه الأميرة عائشة التي عرفت حينئذٍ "بالحرّة" تمييزاً لها من الجارية الرومية، أو إشارة بطهرها ورفيع خلالها (١)، ويقول لنا المؤرخ المعاصر "هرناندو دى بايثا Hernando de Baeza": إن السلطان أبا الحسن كان يقيم يومئذٍ مع زوجه الفتية الحسناء في جناح الحمراء الكبير أو قصر قمارش، بينما كانت تقيم الحرّة وأولادها في جناح بهو السباع (٢).

ولم يكن زواج الأمير بفتاة نصرانية بدعة، ولكنه تقليد قديم في قصور الأندلس، وقد ولد بعض خلفاء الأندلس وأمرائها العظام من أمهات نصرانيات، مثل عبد الرحمن الناصر، وحفيده هشام المؤيد، وكذلك ولد


(١) انظر: Irving: Conquest of Granada حيث يورد أقوال الرواية الإسبانية عن شخصية ثريا (الفصل التاسع). ويقول كوندي: إنّ ثريا كانت ابنة حاكم مرتش النصراني: Conde; ibid, V. ١١١. P. ٢٤٢، ولكن الرواية العربية تكتفي بالقول بأنّ ثريا كانت جارية يونانية أي رومية، أنظر History of Ferdinand and Isabella. P. ٢١٩
(٢) Les Cosas Garnade

<<  <  ج: ص:  >  >>