بعض الأمراء من بني نصر ملوك غرناطة من أمهات من النصارى مثل محمد بن إسماعيل النصري. ولم يكن الزواج المختلط نادراً في المجتمع الأندلسي الرفيع، ولاسيما منذ أيام الطوائف، وكان كثير من الأكابر والأشراف يتزوجون بفتيات من النصارى سواء كن من السبايا أم من الأحرار، ولم يكن العكس نادراً أيضاً، فمنذ توالي سقوط القواعد والثغور في يد النصارى، كثر الزواج بين المدجّنين وبين النصارى. وفقد المدجنون بمضي الزمن دينهم ولغتهم، واندمجوا في المجتمع النصراني. ونرى بين زعماء الطوائف أمراء يرجعون إلى أصل نصراني، مثل محمد بن سعد المعروف بابن مردنيش ملك بلنسية ومرسية، وقد كان يتكلم القشتالية، ويلبس الثياب القشتالية، ويتقلد السلاح القشتالي، وكان معظم ضباطه من النصارى، وكان الإسبان يعرفونه بالملك:"دون لوبي".
ولم يكن ثمة ريب في خطورة الآثار الإجتماعية التي يحدثها مثل هذا الامتزاج الوثيق، وقد كانت فيما بعد من أهم العوامل التي أدت إلى انحلال المجتمع الإسلامي، وانحلال عصبية الدولة الإسلامية. كذلك لم يكن ثمة ريب في أن هذه الآثار الهدامة، كانت أشد خطراً وأعمق وقعاً وقت الانحلال العام.
وكان أبو الحسن قد شاخ يومئذ وأثقلته السنون، وغدا أداة سهلة في يد زوجه الفتية الحسناء، وكانت ثريا فضلاً عن حسنها الرائع فتاة كثيرة الدهاء والأطماع، وكان وجود هذه الأميرة الأجنبية في قصر غرناطة، واستئثارها بالنفوذ والسلطان في هذه الظروف العصيبة التي تجوزها المملكة الإسلامية، عاملاً جديداً في إذكاء عوامل الخصومة والتنافس الخطرة. وكانت ثريا في الواقع تتطلع إلى أبعد من السيطرة على الملك الشيخ، ذلك أنها أنجبت من الأمير أبي الحسن كخصيمتها عائشة ولدين هما: سعد ونصر، وكانت ترجو أن يكون الملك لأحدهما، وقد بذلت كل ما استطاعت من صنوف الدسّ والإغراء لإبعاد خصيمتها الأميرة عائشة عن كل نفوذ وحظوة، وحرمان