للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلش (١) في شرقي بسطة، وأعلن نفسه ملكاً من جديد.

وكان من الواضح أن اضطرام الفتنة في غرناطة، في هذا الوقت بالذات، لم يكن بعيداً عن وحي أبي عبد الله وحزبه، وقام أهل ربض البيازين - وهو حي غرناطة الشعبي، الواقع في شمالها الشرقي تجاه مدينة الحمراء - بدعوة أبي عبد الله. وكان أهل البيازين دائماً، عنصراً من عناصر الاضطراب والشغب، وكان لهم دائماً ثورة وفتنة (٢). وشُغِل ملك غرناطة أبو عبد الله الزغل بإخماد هذه الفتنة الجديدة عن مقاتلة النصارى. وبذلك تحقق الغرض الذي يرمي إليه ملكا قشتالة، وكان ذلك في أوائل سنة (٨٩١ هـ - أوائل سنة ١٤٨٦ م). واشتدت الفتنة، ونصب الزغل على البيازين المجانيق والأنفاط، ودافع أهل البيازين عن أنفسهم دفاعاً شديداً، وكان أبو عبد الله خلال ذلك يبعث رسله إليهم، ويعدهم بمقدمه. وطالت هذه الفتنة أكثر من شهرين، ثم بدأت المفاوضة بين أبي عبد الله وبين عمِّه الزغل (ملك غرناطة) في عقد الصلح، وارتضى أبو عبد الله أن ينزل عن دعواه في العرش، وأن يدخل في طاعة عمه (٣). وفي رواية أخرى أنهما اتفقا على تقسيم المملكة إلى قسمين، فيختص الزغل بحكم غرناطة ومالقة وألمرية وبلش مالقة والمنكب، ويختص أبو عبد الله بحكم الأنحاء الشرقية (٤).

وعلى أي حال، فقد انتهز ملك قشتالة، فرصة هذه الفتنة، للزحف على مدينة لوشة. وهنا تتفق الروايات الإسلامية والقشتالية، على أن أبا عبد الله، حينما علم بتهديد النصارى لـ (لوشة)، سار إليها وتحصّن بها، مع نخبة من


(١) المقصود هنا بمنطقة بلش بلدتا: بلش الحسناء ( Velez Rubio) وبلش البيضاء ( Velez Blanco) وكلتاها تقع على مقربة من الأخرى. في شمال شرقي مدينة بسطة.
(٢) أخبار العصر (١٨) ونفح الطيب (٢/ ٦١١)، وأنظر: Gaspar Y Remiro; ibid; P. ٢٣-٢٤ and ٣٠
(٣) أخبار العصر (١٦).
(٤) Gaspar Y Remiro; ibid. P. ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>