للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنجاد الفرسان. وهاجم النصارى مدينة لوشة، وشدّوا الحصار عليها، وسلّطوا على أسوارها الأنفاط والعُدد، وأبدى المسلمون بسالة فائقة في الدفاع عن مدينتهم. وتقول الروايات القشتالية: إن أبا عبد الله بذل في هذا الدفاع مجهوداً عظيماً. وإنه جرح أثناء ذلك (١)، ولكن لم نعثر على ما يؤيد ذلك في الروايات الإسلامية. يكتفي صاحب أخبار العصر بالقول: بأن أبا عبد الله كان في لوشة وقت حصارها (٢)، ويروي صاحب نفح الطيب على ذلك بأن أهل غرناطة أذاعوا بأن أبا عبد الله ما جاء للوشة إلاّ ليسلِّمها لملك قشتالة (٣).

وعلى أي حال، فإن بسالة المسلمين، في الدفاع عن لوشة، لم تغن شيئاً أمام القوة القاهرة، وفتك الأنفاط والعُدد الثقيلة، فاضطروا إلى التسليم، وذلك بالشروط التالية: أن يؤمَّن أهل لوشة الذين يرغبون في مغادرتها في أنفسهم، وفيما يستطيعون حمله من أموالهم، وأن يسمح لمن يشاء منهم أن يعيش في قشتالة أو أراغون أو بلنسية بذلك، وأن تسلم المدينة إلى ملك قشتالة مع سائر الأسرى النصارى. ودخل القشتاليون لوشة في (٢٦ جمادى الأولى سنة ٨٩١ هـ - مايس - مايو سنة ١٤٨٦ م)، وسار معظم أهلها إلى غرناطة، بأمتعتهم وخيلهم وسلاحهم.

وأما ما يتعلق بأبي عبد الله، فتقول الرواية القشتالية: إن موقفه في الدفاع عن لوشة، اعتبر منافياً لتعهداته للملكين الكاثوليكيين، ونكراناً لحسن الصنيعة، ومع ذلك فقد ارتضيا الصّفح عنه، وأن يسمح له بالاحتفاظ بلقب ملك غرناطة، وأن يمنح لقب: "صاحب وادي آش"، إذا استطاع أن يستولي عليها، وإذا أراد الالتجاء إلى قشتالة، فإنه يسمح له أن يعيش هناك آمناً على نفسه، وإن شاء العبور إلى المغرب أمدّه ملك قشتالة بوسائل الانتقال (٤).


(١) Gaspar. Y Remiro; ibid, P. ٣٢
(٢) أخبار العصر (١٩).
(٣) نفح الطيب (٢/ ٦١١).
(٤) Gaspar Y Remiro; ibid, P. ٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>